شبكة سورية الحدث


شكرية أبو عاصي تقتحم حدائق فيينا بحرف القاف 

شكرية أبو عاصي تقتحم حدائق فيينا بحرف القاف 


سورية الحدث الإخبارية _ معين حمد العماطوري  


لم تكن رحلتي إلى عالم الاغتراب بعيدة عن الشعور والحب الذي أحمله من نسائم وطني الأم سورية وخاصة المكان الذي أول ما فتحت عيناي على مشاهدته لأستمع إلى صوتي الصارخ المؤشر على بدء الحياة وبين تاريخ وأصالة الحجارة البازلتية في جبل العرب، إذ قل ما يعلم المرء الشعور والانفعال النفسي حينما يغادر مكان الولادة والنشأة إلى أماكن جديدة مجهولة الهوية والرؤية والسلوك والمسلك، لكن سرعان ما يتبدد حينما يقف على عتبة مرحلة جديدة من حياته يستطيع من خلالها تكوين شخصية ثقافية فكرية مسلكية، تتضمن الشعور السلوكي والرؤية المندمجة مع فئات عمرية مختلفة تحاول زرع فينا قيم إبداعية وجمال الواقع المكاني مثل بلاد "فيينا" وحدائقها الغناء وروعة مناخها وطبيعة شوارعها وقوانينها وأنظمتها، وبين ما حملته من منظومة عادات وتقاليد واعراف الحاملة القيم والإباء والشمم والكرامة والفخر والمجد من جبل العرب، وذلك بمعرفة تاريخ من أحببتهم من الاسرة وتنتمي إليهم جسداً وروحاً وفكراً وكلاماً باللسان وتصديقا بالجنان...
قبل أربعة عقود على لحظة الاسناد الزمني في انطلاقة شكلت لمغتربة سورية لحظة افتخار بالانتماء لمتغير متجدد في الرؤية وتكوين النظرة الثاقبة لدخول عالم الطفولة والتربية بلغة الام العربية واللهجة المحلية التي افتخرت واعتزت بها، إذ لم تكن الانطلاقة الأولى في لغتها الأم العربية وعبر حرف القاف بعيداً عن جمال المكان والنشأة التي ولدت به، بل استطاعت أن تجعل منه قاعدة الارتكاز للانطلاق نحو الفضاء الأوسع والأرحب...
هي حكاية معاناة أرادت تجسيدها بلسانها لتتماهى بين حدائق فيينا وبيادر جبل العرب وسهوله الغراء، ورغم التقنية الحالية الذي يعيشه العالم إلا أن لحظات الانتماء لا تفارق السيدة شكرية أبو عاصي صلاح الدين" الواثقة من صوتها التربوي ليصل ما أرادت برسالة خالدة....   
فهي تؤكد المغتربة السورية "شكرية أبو عاصي صلاح الدين" بالقول: "وقبل ٣٨ سنة وبعد وصولي إلى أراضي فيينا لأبدأ مع زوجي مرحلة جديدة في مكافحة الحياة وصراع البقاء وإثبات للوجود، وتنفيذاً لقراري في متابعة التحصيل العلمي، ومع بداية دراستي في جامعة ڤينيا، وجب علي مقابلة مدير الجامعة الدكتور البروفسور "أمبروس" كان يتكلم كل لهجات الوطن العربي والفصحى بطلاقة، كنت خائفة جدا أن لا أتكلم الألمانية بشكل جيد أمامه، ولكنه طلب ان أتكلم لغتي العربية، بدأت التكلم بالفصحى فقال تكلمي لهجتك المحلية، فكرت قليلا وأخذت أتكلم فكانت في بعض الكلمات حرف القاف، كنت أظن هذا سيكون صعب بالنسبة له، وهنا كانت المفاجأة، عندما قال لي عرفتك، أنت (موحدة) من جبل العرب في سوريا أليس كذلك؟ 
أنا ذُهلت لهذه المفاجأة وقلت له كيف عرفت يا دكتور كان جوابه كالتالي: الموحدون هم الفئة الوحيدة في الوطن العربي الذين يلفظون الحروف العربية على أصولها وخاصة حرف القاف. 
تابعت وهي تؤكد فخر انتمائها للمكان أي لجبل العرب قائلة: يا سلام كم كنت فخورة بانتمائي لحرف القاف، ومن ذلك اللحظة كنت القارئة الوحيدة في محاضراته للطلاب، هذه كانت نقطة تحويل لاهتمامي باللغتين العربية والألمانية، وبعد انتقالي إلى مدينة لينز عاصمة ولاية النمسا العليا، "مدينة لينز ثالث أكبر مدن النمسا" صممت أن أكون رسول اللغة والثقافة والتاريخ العربي، منطلقة من حرف القاف، ليكون السند لي للربط بين الحروفي العربية والحروف الأجنبية...واضعة في خلدي ومخيلتي أن لغتنا العربية وحروفها ومخارج تلك الحروف لها أنغام تنسجم مع طبيعة تكوين الشخصية المصرة على الثبات وتحقيق الهدف المنشود....
أخيراً هي حكاية مغتربة سورية أحبت البرهان أن لغتنا الأم حاملة لإعجاز ومعاجز عديدة فقد دخلت عالم الجمال والتربية بحرف القاف كيف لو أرادت البحث في باقي الحروف الأبجدية، تطلعات السيدة شكرية أبو عاصي صلاح الدين واحدة من أزاهير الوطن النافحة عبير المجد والخلود ولحكايتها الإبداعية تتمة...

التاريخ - 2021-06-13 12:29 PM المشاهدات 1594

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا