شبكة سورية الحدث


رحيل إردوغان .. صراعٌ داخلي أم هدفٌ داخلي وخارجي

رحيل إردوغان .. صراعٌ داخلي أم هدفٌ داخلي وخارجي

سورية الحدث_خاص 

المهندس: ميشيل كلاغاصي 
12/11/2021
سنوات طويلة أمضاها رجب طيب إردوغان في المعترك السياسي التركي الداخلي والخارجي , وتنوعت أشكال أدائه السياسي ما بين الغطرسة والعنجهية والتهديد والوعيد , وقوة التصاريح وارتفاع اللهجة والنبرة , وصولاً إلى الصمت حيناً والرد بالمثل حيناً اّخر, وتقبّل الإهانة أمام الكبار, ناهيك عن النفاق والكذب .. وحَصَدَ عبر السنوات ألقاباً وأوصافاً عديدة كـ السلطان الواهم , راعي الإرهاب , الممثل الهابط , اللص , الأزعر السياسي , البلطجي , الديكتاتور , الأحمق , المستبد , الطاغية ....إلخ... ولم يبق له سوى كتابة السطر الأخير في سيرته التي أرهقت الداخل التركي ودول الجوار والعالم القريب والبعيد , وسط تزايد مؤشرات رحيله.
وعلى مسافة عامين من الإنتخابات التركية , لا يبدو الحراك السياسي الداخلي يصب في صالح الرئيس إردوغان وحزب العدالة والتنمية , مع الإنضمام اليومي لعديد القوى والأحزاب التركية إلى جبهة المعارضة المناهضة لحكمه , والتي لا يمكن تصور نضالها بعيداً عن اللاعبين الدوليين والقوى الفاعلة في الإقليم والعالم , حتى داخل التكتلات والأحلاف التي تشارك فيها تركيا - إردوغان.
قد لا يؤيد البعض نضوج وتبلور فكرة إبعاد الرئيس التركي وفريقه الحاكم عن الساحة السياسية , لكن يبدو من المهم تصور نتائج الإخفاقات الإقتصادية والمالية لسياسته الداخلية , وتدهور الحريات وإمتلاء السجون بالمعارضين السياسيين والصحفيين وأصحاب الرأي ورجال الشرطة والضباط والعسكريين تحت ذرائع حقيقية أو مختلقة , وسط تحميل المعارضة والشارع التركي عموماً الرئيس وحكومته مسؤولية تدهور الحالة الإقتصادية والمالية وتبعات السياسات الداخلية والخارجية الخطرة والخاطئة , التي ستنعكس حكماً على مستقبل الدولة التركية بأكملها.
وبات من الواضح تضعضع النظام التركي وتصاعد موجة الإنتقادات الداخلية ، ما دفعه لإطلاق مخالبه لتطال المواطنين الأتراك العاديين أيضاً واتباع سياسة كم الأفواه وعقوبات السجن , على الرغم من أنهم يسمعون ويرون بأم العين تدهور الحالة الصحية للرئيس إردوغان وكفاحه للنطق ولتحريك ساقيه , ناهيك عن الشكوك حول صحته العقلية والشائعات التي تتحدث عن إصابته بسرطان الكبد , وبنوباتٍ صرعية , وصعوبات في التنفس وتشويش ذهني , والعقاقير الطبية التي يستخدمها لتخيف الرجفان , والاّثار الجانبية لها , بما يشمل مزاجية الإكتثاب وموجات الغضب والعصبية ...  
ونتيجة للأوضاع الداخلية , وانخفاض شعبية الحزب الحاكم ورئيسه , والحملات الحكومية الطائشة ، تحركت بعض مراكز الإستطلاع المؤيدة والمعارضة للنظام التركي الحالي ( شركة أوبتيمار, شركة عادل غور للأبحاث ، وشركات كوندا وسونار وغيرها ).. كما خلُصت في اّب المنصرم استطلاعات مؤسسة "ميتروبول" المستقلة والأكثر شهرة في البلاد , إلى إعتقاد 53.7% من الناخبين الأتراك بأن حزب العدالة والتنمية سيفقد نفوذه كحزب حاكم في انتخابات 2023 ,  مقابل  37.8% ممن يعتقدون بقدرة الحزب على الإحتفاظ بالسلطة. 
كما جاء وفقاً لاستطلاع أجرته لجنة السياسة التركية في مركز "يونيليم" للأبحاث في أيلول الماضي ، أن 53% من المواطنين الأتراك فقدوا الثقة في النظام الرئاسي , وسط تراجع مؤيدي الائتلاف الحاكم المكون من حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية ، إلى 47% , فيما عبر 33% فقط عن ثقتهم بالرئيس إردوغان... وعلى مستوى الحراك الحزبي الداخلي , عقدت أحزاب (الشعب الجمهوري ، الخير ، السعادة ، المستقبل , الديمقراطي ، وحزب الديمقراطية والتقدم )، اجتماعاً في تشرين الأول تمت فيه مناقشة استعادة النظام البرلماني في تركيا.
قد لا يختلف حال النخب التركية الداخلية عن حال غالبية النخب الغربية , التي استطاعت تقييم السلوك الشخصي والسياسي للرئيس التركي وحزب العدالة والتنمية , والخطاب المليء بالشتائم , والدور السيئ وسياسة المرواغة والنفاق والعداء والعدوان العسكري والتماهي التام مع الإرهاب والإرهابيين , وبات من الصعوبة بمكان العثور على نعوت وأوصاف جيدة للرئيس إردوغان في الصحافة الأمريكية والأوروبية , خصوصاً ما بعد الإنقلاب الفاشل عام 2016.  
ولا بد من الإشارة إلى دور الصحافة الأمريكية حول التدهور الكبير في صحة إردوغان , وما نشرته الـ "فورين بوليسي" بقلم المعلق السياسي ستيفن كوك ومقاطع الفيديو , التي تظهر إردوغان وهو ينام بشكل مفاجئ , والصعوبات التي يواجهها في المشي والنطق , وعن المسكنات التي يحتاجها قبل إدلائه بالتصريحات العلنية ... كذلك ما نشرته "لو بوان" الفرنسية , في مقال تحت عنوان "صحة إردوغان موضع تساؤل" , حيث تناولت خطواته البطيئة وصعوبة نزوله الدرج واتكاؤه على ذراع زوجته .. ناهيك عن تقرير صحيفة "إستيا" اليونانية في منتصف تشرين الأول بأن: "أيام إردوغان باتت معدودة".. بالإضافة إلى هاشتاغ "إنه ميت" الذي نشر في 3 تشرين الثاني على وسائل التواصل الإجتماعي التركي , وسارعت قوى الأمن للقبض على 30 مشتبهاً بهم لإتهامهم ومقاضاتهم. 
وفي عصرٍ لا يمكن معه إبعاد الكثير من وسائل الإعلام عن التسييس , بالإضافة إلى تلك المعروفة بالترويج والدعم خصوصاً في الولايات المتحدة والدول الغربية الكبرى , يمكن استخلاص أن التركيز على تدهور الحالة الصحية للرئيس التركي وما يرافقها من إشاعات , يفتح مناقشة ملف رحيله على مصراعيها , والتي يمكنها أن تلعب دوراً حاسماً في الإنتخابات التركية المقبلة , وتساهم في تحقيق ما يصبو إليه أعداء إردوغان ومعارضيه داخل تركيا وخارجها. 
المهندس: ميشيل كلاغاصي
12/11/2021

التاريخ - 2021-11-16 10:35 AM المشاهدات 2775

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا