شبكة سورية الحدث


فلسطين تقاتل

فلسطين تقاتل

تشتعل حالات التصدي لجرائم الاحتلال، على امتداد فلسطين المحتلة . مستخدمة ما تيسر لديها من أدوات المواجهة، لتحيل كل هجمة احتلالية إلى نقطة اشتباك وقلعة صمود، مستندة بذلك إلى البنى الوطنية والاجتماعية المناضلة التي حافظ عليها شعبنا، رغمًا عن أدوات الاحتلال الأمنية وسياسات التسوية والتنسيق الأمني التي عملت على تفكيك مقومات الصمود وروافع المواجهة.

صمود أهلنا في شمال الضفة المحتلة والذي يمتد بنماذج نضالية متعددة من المقاومة الشعبية الصامدة في بيتا، إلى بطولات مخيم جنين المستمرة، ونموذج التلاحم الثوري الجماهيري الباسل في سيلة الحارثية، هذا الصمود لا ينقطع عن نضال فلسطينيي النقب في مواجهة هجمة التطهير العرقي المتواصلة ضدهم من قبل الاحتلال، وعما يكرسه شعبنا في القدس من صمود نابض بالتحدي لجنود العدو ومستوطنيه، وهو ما يتقاطع معه التصعيد النضالي لأسرانا الابطال في سجون الاحتلال. بؤر نضالية يغذي بعضها بعضًا، وتستلهم إرادة التحدي من صورتها الشاملة كجزء من نضال موحد لشعب واحد يرفض محاولات تقطيعه وعزله.

لكن هذه الحالة النضالية على أهميتها، وقربها من نموذج الهبة العامة، وصورة الانتفاضات الفلسطينية الكبرى السابقة، ما زالت تعاني من وطأة ظروف مجافية، أبرزها السياسة الفلسطينية الرسمية المصرة على المضي في رهانها على مسار التسوية والتنسيق الأمني، والمتعنتة تجاه كل ما يحقق وحدة شعبنا، والتي تواصل أيضًا التنكر لمسؤولياتها فيما يتعلق بتوفير موارد الصمود لهذا المجموع المشتبك مع الاحتلال في مرحلة مصيرية من تاريخ المواجهة. نعم تعمل المنظومة الفلسطينية الرسمية كمعيق للنضال الوطني في مواجهة الاحتلال.

إن حاجة شعبنا لتحقيق وحدته النضالية واستجماع موارده في المعركة ضد الاحتلال، تفوق في أهميتها وأولوياتها أي من الحسابات الضيقة للبقاء السياسي المحكوم بسقف الاحتلال، وتعلن ضرورة الوصول لصيغة وطنية جامعة تشكل أداة إسناد سياسي للمواجهة الشعبية وتكف يد من يشكل السياسة الفلسطينية كعبء وثقل ضاغط على هذه الجماهير الصامدة.

وفي الجانب التنظيمي للحركة الشعبية المتزايدة، لم تعد الصلة بين أبناء الشعب الواحد وإدراكه لنضاله الجامع بحاجة لإثبات رمزي، بل بحاجة لربط حقيقي بين أدوات ونماذج النضال، وتشابك بين هذه البؤر المناضلة بما يسمح بكسر الحصار وأطواق العزل عمن يشتبك مع العدو الصهيوني، وفتح آفاق الانخراط في الفعل النضالي أمام شرائح أوسع من أبناء شعبنا، وبما يعيد الاعتبار لقيمة العنوان والبرنامج السياسي التحرري الوطني، الذي يدرك أبعاد الاشتباك في كل نقطة من فلسطين والطبيعة الشاملة لهذا الاشتباك، وارتباطه بالصراع مع مجموع القوى الاستعمارية، ووحدة نضاله وتطلعاته مع شعوبنا العربية وكل من يقع عليهم ثقل الغزو والهيمنة الاستعمارية المستمرة.

إن إرادة المواجهة، والاستعداد الفدائي الذي تظهره جماهير شعبنا، تستحق من كل مناضليه، إدراك طبيعة هذه الحالة وامكانياتها، والعمل لمزيد من التنظيم القائم على الشراكة الحقيقية لمن يصنع الصمود في صناعة السياسة، وبناء الموقف الذي يحمي حقوق هذه الجموع وطنيًا ومجتمعيًا، ويعطي عنوان مثل "تقرير المصير" معنى حقيقي بتجذيره وربطه بإرادة عموم الفلسطينيين المشتبكين مع الاحتلال، ومواقفهم، وآمالهم وتطلعاتهم، وتخليصه من وصاية الممولين الإقليميين والدوليين، وهيمنة الشروط الاستعمارية على عمليات صناعة السياسة الفلسطينية. فشعبنا ونضاله يستحق ممارسات سياسية جادة ومسؤولة وتنتمي لمعاييره النضالية وليس لمنطق بيروقراطي وظيفي تحركه حسابات التمويل أو التطلعات لأوهام المحاصصة، أو ألعاب التحصيل السياسي الصغيرة.

نضال جامع لشعب أثبت قدرته على إعادة النهوض في مواجهة واحد من أعتى المشاريع الاستعمارية طيلة أكثر من ١٠٠ عام، يستحق سلوكًا وطنيًا مسؤولًا يؤمن بقدرة هذا الشعب وبحقوقه، لا يحاول التحايل عليه أو يتخيل قيادته وسوقه من الأعلى. هذا شعب سيستعيد حتمًا سيادته على قراره وسياسته ومصيره، وسيحقق انتصاره، وما الخسارة إلا من نصيب من يخطئ الرهان في هذه المرحلة، ولا أقل من وضع كل الموارد وكامل المواقف والممارسات في خدمة الاشتباك الشامل مع العدو.

التاريخ - 2022-02-15 2:31 PM المشاهدات 610

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا