شبكة سورية الحدث


يوميات المسؤول ..؟!

يوميات المسؤول ..؟!

في يوميات المسؤول تفاصيل كثيرة مغلّفة بما يمكن أن نسميه ” بهرجة ” يفتعلها المزاج العام، متأتية من كونه مسؤول، في بلد بلغ ضجيج الشغف بالمنصب حدّه، حيث لا صوت للكثير من الوقائع والتمايزات المتأتية من الخصوصية الشخصيّة لحامل اللقب ” مسؤول “.
لكن يبقى للإعلامي دوماً فسحة لالتقاط التفاصيل الصغيرة التي يعتبرها ” صيداً “، وما نحن بصدده الآن صيد مختلف،  قد لا يروق ” طعمه ” للكثير من المسكونين بالتصورات الجاهزة بشأن الترف المفترض لمعيشة كلّ متأبطٍ لحقيبة المسؤولية، ودعونا نقف عن مشاهدات تخص حاملي الحقائب الوزارية، غير سيارة ” الليكزس” الرسمية وسيارات المكتب والخدمة وسواها، بما أن هذه الميزات المتحركة هي أكثر ما يظهر للناظر العابر.
ففي حديث عفوي بعيد عن المدح أو الردح، يتحدّث إلينا قرويٌ فلاح ببراءة عن والد أحد الوزراء، رجل رصين “بلغ من العمر عتيا”، يعيش في غرفته الخاصّة الملاصقة لمنزل أحد أبنائه، بين كتب التاريخ والأدب والتراث، اختار بصمت وحكمة أن تكون مدفأة الحطب ملاذه في مواجهة برد الشتاء، مكتفياً بإجابته المقتضبة الواقعية لكل من يعلّق أو يسأل: ” الـ 50 لتراً لا تكفي”.
أما الصيد هنا .. فهو أن نعلم من هو الوزير ابن ذلك الرجل، الذي يستحق وولده، بالفعل انحناءة احترام، واعذرونا إن لم نفصح عن الاسم، فهذا ليس من حقنا بما أنها خصوصيات لم نستأذن أصحابها ولم نسألهم حتى.
المفارقة الثانية الجديرة بالرصد كانت في مكتب أحد الوزراء الشباب، وزير بحقيبة متخمة بالملفّات الإستراتيجية الصعبة، وبمهام جانبيّة ملحقة من الوزن الثقيل أيضاً، لكن لابد أن تقع عين كل من يدخل مكتبه على ملامح الاهتراء الظاهرة على قماش بعض كراسي ” طقم الجلوس”..والواقع سألناه بودّ عن سبب الإبقاء على هذا ” الطقم المعمّر”، فكان الجواب لافتاً “الكلفة مرتفعة ياشباب وتزداد ارتفاعاً كلّما فكّرنا بالإصلاح، كما أن الاستبدال ليس أولوية في هذا الظرف الصعب، وعلى كلّ حال زوارنا محبّون ويقدّرون الظروف”.. و غالباً يغيّر الموضوع فما يبدو أنه لا يحب الخوض في مثل هذه الأحاديث.
أيضاً لن نسمح لأنفسنا بالبوح باسم الوزير، فهذا ليس من حقنا، لكن بالتأكيد المعلومة ليست سرّاً وكثرٌ هم من رأوا، و خصوصاً أعضاء السلطة التشريعية الذين كنت شخصيّاً أصادفهم كثيراً في مكتبه – بحكم قرب المسافة بين الوزارة والمجلس –  ويستغربون الحالة…   لكن وإن لم نكتب.. لا نضمن أنفسنا من الوقوع في غواية النميمة فيما لو سألنا صديق.. فقد نفشي سرّي الوزيرين معاً.
واستطراداً راجعاً..نعود إلى العام 2016 عند صدور مرسوم تسمية أعضاء حكومة عماد خميس الأولى، تضمنت التشكيلة اسم وزير تجمعني به علاقة صداقة وجوار في مدينة طرطوس، دخلت الحي بعد ساعة من إذاعة المرسوم ، وكانت المشهد الجميل قليل الحدوث في مجتمعنا..الدكتورة الصيدلانية زوجة الوزير الجديد حينها، لم تزغرد و لم تستعرض و لم ” توزع الشربات” – كما يقول الأشقاء المصريين – بل كانت تنظف الرصيف أمام الصيدلية، والوزير في الداخل يرتب الأدوية على الرفوف..
دوماً يكون في الحكومات رجالات دولة حقيقيين، هؤلاء جديرون فعلاً بتسليط الضوء على الوجه الآخر ليومياتهم، لأنهم رجال مسؤولية وليسوا رجالات امتياز، و إن في زمن بدا أنه زمن إخفاقات،  فإن كان الإعلامي شغوفاً دوماً برصد السلبيات بفطرته كإنسان، فإن مقتضيات الواقعية المهنية تملي عليه رصد الإيجابيات أو ما يرى أنه إيجابيات .
وكما أن ” الدنيا تقوم على مؤمن”…فإن الحكومات يمكن أن تقوم على قلّة من الرجال الحقيقيين..هذه وقائع و إن كره من لا يرون إلى الأنصاف الفارغة من الكؤوس..تفاءلوا ففي التفاؤل طاقة إيجابية صدقونا.

سورية الحدث - ناظم عيد 

التاريخ - 2022-03-29 3:50 AM المشاهدات 671

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


كلمات مفتاحية: وزير مسؤول