شبكة سورية الحدث


منصة "سحر" مركز اللجاة الديني مركز للحج العربي خلال الفترات الأولى للميلاد

منصة "سحر" مركز اللجاة الديني مركز للحج العربي خلال الفترات الأولى للميلاد

 

إعداد...هيثم العلي  
أعطت مكتشفات موقع "سحر" اللجاة مفتاحاً لمعرفة المجموعة النحتية وتفسيرها في جنوب سورية، فموقع "سحر" زودنا بمعطيات أثرية هامة حول الدور الحضاري والديني الذي لعبته منطقة "اللجاة" خلال فترة كانت مبهمة من قبل الكثير من الباحثين الأثريين الذين زاروا وتجولوا في "اللجاة". فأغلب الآثار التي مر عليها الرحالة منذ القرن التاسع عشر يعيدون تاريخها إلى الفترات الرومانية والبيزنطية, ويذكرون أن فترة الازدهار التي شهدتها حوران هي الفترة الرومانية. وما قبل ذلك لم تكن هنالك حضارة حقيقية. 
تقع "سحر" في الجهة الشمالية الشرقية من منطقة "اللجاة", جنوب شرق بلدة "المسمية" بحوالي ستة كيلومترات. إن المنطقة الواقعة بين "سحر" و"المسمية" عبارة عن مساحات واسعة من الحمم البركانية, تكثر فيها الحمم والاندفاعات البركانية , حيث يبرز البازلت في كل مكان. 
كانت قد بدأت فكرة مشروع دراسة منحوتات "سحر" في عام /1989/ عندما تم العثور على عدد من أجزاء تماثيل من الموقع بعد أن تم نقلها إلى مستودعات الدائرة في "درعا". وفي عام 1990 وجهت الدعوة إلى البروفيسور توماس فيبر"Thomas Weber" من جامعة "ماينتس" – "ألمانيا" ""Mainz لدراسة هذه المنحوتات.
أتى ذكر موقع "سحر" على إثر زيارة عالم الآثار الأمريكي هـ .ك ."بتلر" "H.C.Butler" من جامعة برينستون في بدايات القرن العشرين, وقد وصف الموقع بشكل جيد,كموقع ديني وثني.
المعبد: أشار "بتلر" إليه بأنه ذو مخطط نبطي، بالمقارنة والتشابه الكبير مع معبد "بعل شمين" في موقع "سيع" والمؤرخ في الربع الأول من القرن الأول الميلادي. كان المعبد مهدماً ولكنه بحالة مفهومة من حيث الشكل المعماري والعناصر المكونة له، حيث تم تمييز عدد من المنحوتات الزخرفية المعمارية المتناثرة في أرجاء مختلفة من المعبد.

يتجه المعبد شمال شرق جنوب غرب, يبلغ طوله حوالي 40 م, وبعرض حوالي عشرين مترا وهو مقسم إلى ثلاثة أقسام " المدخل والقاعة الرئيسية والغرفة المقدسة ". كانت الجدران ترتفع لحوالي المتر. لقد تم توثيق عدد من التماثيل النحتية والعناصر الزخرفية المعمارية من قبل بتلر. فقد أشار إلى أن التماثيل يرجع تاريخ قسم منها إلى السنوات الأولى من القرن الثاني الميلادي, أما القسم الآخر فيرجع تاريخه إلى العصر النبطي "القرن الأول الميلادي" 
لقد تم العثور العديد من أجزاء التماثيل في المعبد وحوله, حيث وجدت متناثرة في الموقع حتى على بعد 500 متر من المعبد على محيطه, ذلك بعد إجراء مسح شامل للموقع بغية البحث عن أجزاء متممة للتماثيل التي وجدت في المعبد, بعد الانتهاء من عمليات التنقيب في المعبد.
وكان العمل مجهداً في محاولة الجمع بين القطع الملتقطة, حيث بلغ عدد القطع حوالي أكثر من ثلاثة آلاف قطعة أثرية منحوتة، تمثل أجزاء من التماثيل الحجرية البازلتية تعود للمنصة, أو أجزاء من ديكورات معمارية تعود للمعبد. تتفاوت القطع في أحجامها ما بين عدة سنتيمترات والمتر وأكثر تقريباً.
بعد عمليات الترميم استطاع السيد فيبر وضع تصور بعد محاولات عديدة لفكرة عرض التماثيل في المعبد على المنصة, حيث تم إنشاء منصة بالأبعاد التي تم وصفها من قبل "بتلر" "Butler", وقد وضعت التماثيل على الشكل التالي:
سبعة من الخيالة على الأحصنة بأحجام وأشكال مختلفة "قريبة جداً من الحجم الطبيعي", خلف الخيالة يوجد فارس يمتطي حصاناً أكبر من الفرسان في الأمام ومن الحجم الطبيعي أيضاً. على الزوايا نصب لربة النصر فيكتوريا "Victory" مرفوعاً باجاه الأعلى على أعمدة.
كذلك أسدين يجران عربة ذات دولابين تحمل على متنها تمثالين بالحجم الطبيعي تقريباً يمثل أحدهما الربة "أثينا" -اللات بالعربية- والثاني غير معروف ربما زيوس "ذو الشرى". إلى اليسار توجد عربة أخرى غير معروفة الحيوانات التي تجرها, وأيضاً التماثيل التي تحملها. في الزوايا أيضاً توجد تماثيل للربة فيكتوريا مرفوعةً على أعمدة كما في الجهة الشرقية, يتقدمها تمثالان لآلهة غير معروفة ربما أحدها يمثل أرتيميس "ديانا".
أجريت مسوحات موسعة شملت مختلف أرجاء "حوران" التي تضمنت وجود تماثيل بازلتية مشابهة لمنحوتات "سحر", بغية إجراء مقارنة مع منحوتات موقع "سحر", ومن هذه المواقع: "تلشهاب"-"درعا"-"خربة غزالة"-"المسمية" – "منارة الشريف" – "شعارة" –"الشرايع" – "صور اللجاة" – "عريقة"- "شهبا" – "شقا" – "سليم" – "سيع" – "السويداء". بالإضافة إلى بعض المتاحف التي عرضت فيها منحوتات بازلتية كالمتحف الوطني "بدمشق" و متاحف: "السويداء" – "بصرى" – "القنيطرة" – "دير عطية" – "حماة".
وعن أهمية فقد أعطت مكتشفات موقع "سحر" اللجاة مفتاحاً لمعرفة المجموعة النحتية وتفسيرها في جنوب سورية وكان لها عدد من الدلائل التاريخية المميزة كوجود كتل حجرية ممثلة بدواليب العربات في مجموعة سحر النحتية, وأيضاً وجود تماثيل حيوانية مختلفة "أسود- أحصنة - نسور", وتماثيل الخيالة الذين يرتدون القلابية الطويلة ويضعون إزاراً مربوطاً تحت الصدر وعباءة ترتد للخلف. 
باختصار وبناءً على العدد الكبير من التماثيل الدينية يتضح أن للموقع وظيفة هامة جداً تتمحور بكونه مركزاً للحج العربي خلال الفترات الأولى للميلاد.

التاريخ - 2022-10-04 5:09 AM المشاهدات 484

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا