أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك مؤخراً قراراً حددت فيه جملة من المواد الغذائية على أنها مواد أساسية وتشكل السلة الاستهلاكية لذوي الدخل المحدود ومن أهم المواد الدقيق والخبز والسكر والشاي والأرز ومختلف أنواع زيوت الطعام والحلاوة والبيض وغيرها من المواد التي اعتبرتها الوزارة مواد أساسية. الأمر الذي برره العديد من المعنيين في الوزارة لزيادة التشدد في الرقابة والعقوبات التي تطول التجار الذين يتلاعبون في أسعار ومواصفات هذه المواد.
وفي متابعة للموضوع تبين أن الإجراءات والعقوبات لهذه المواد هي نفسها سواء كانت مصنفة على أنها مواد أساسية أو غير ذلك وأن قيمة المخالفة للتلاعب بهذه المواد هي 25 ألف ليرة مع بعض الإجراءات الإدارية مثل إغلاق المحل أو المنشأة الاقتصادية من 3 أيام ولغاية 30 يوماً كحد أقصى وهو ما دفعنا بالتوجه لمدير الأسعار في الوزارة علي محمود الذي كشف لنا أن الغاية من التصنيف لا يتصل بالعقوبات بل من أجل التوافق مع نشرة خاصة لأسعار المواد الأساسية يصدرها البنك المركزي حيث تضمن هذه النشرة تمويل التاجر المستورد لهذه المواد الأساسية بقطع أجنبي ينخفض سعره بنحو 10 ليرات عن نشرة تمويل المستوردات.
وهنا تتوقف «الوطن» عند مدى فعالية هذه الخطوة وانعكاساتها على استقرار الأسعار وتخفيضها في الأسواق مع الدكتور زكوان قريط من كلية الاقتصاد الذي أوضح عدم جدوى هذه الخطوة وأنه لن يكون لها أي انعكاس إيجابي على المستهلك وأن من يقطف ثمرة مثل هذه الخطوة هم التجار وخاصة في ظل عدم وجود آلية تمكن من ضبط هذه العملية ومراقبتها وعدم استغلال بعض التجار لهذا الفارق لجيوبهم وعدم عكس ذلك على أسعار موادهم التي سيطرحونها في الأسواق معتبراً أنها خطوة خاطئة وغير مجدية بل وربما يسمح حصول التجار على سعر صرف أقل للقطع الأجنبي بحدوث عمليات مضاربة عبر إعادة طرح هذا القطع الأجنبي في السوق السوداء.
وهنا يتساءل قريط لماذا لا توكل مهمة استيراد وتأمين هذه المواد التي اعتبرتها التجارة الداخلية أساسية للقطاع العام ومنها مؤسسات التدخل الإيجابي والتي يعتبرها برغم عيوبها تبقى قادرة في مثل هذه الظروف على تحقيق منفعة أكبر للمستهلك لجهة ضبط الأسعار واستقرارها وتوفير وتأمين المواد وعدم حدوث احتكار لها. مشدداً أنه في الأزمات والحالات المشابهة للأزمة السورية لا بد أن يتسلم القطاع العام بمؤسساته دفة الاقتصاد وأن يكون المحرك الأساس له لأن الضامن الأفضل لعدم التلاعب بقوت المواطن والمتاجرة بلقمة عيشه وأنه لا بد من وزارة التجارة الداخلية الاعتماد بشكل أكبر وأساسي على مؤسساتها حيث تكون مساحة المراقبة والمحاسبة أكبر من مساحة متابعة عمل التجار وأنه على سبيل المثال لدى حصول التاجر على تمويل لمستورداته من القطع الأجنبي بسعر صرف منخفض ما هو الضامن لتوريده مواد بكامل القيم النقدية التي حصل عليها. مؤكداً أن همّ معظم التجار الأساسي هو تحصيل أكبر قدر ممكن من الأرباح من دون مراعاة مصالح المستهلكين وأنه غالباً ما يسيطر على سلوك العديد من التجار صفة الجشع والمبالغة بالحصول على الأرباح.
وبالعودة إلى قدرة دوائر حماية المستهلك في ضبط عملية تمويل المستوردات من المواد الأساسية كشف مسؤول في هذا الإطار لـ«الوطن» أنه لم يتم إبلاغهم حتى الآن بوجود مثل هذه النشرة وأن مثل هذه النشرة قد يتم استغلالها من العديد من التجار من دون أن تكون هناك القدرة الكافية لحماية المستهلك على ضبطها وخاصة أن أسعار الصرف متذبذبة ومتغيرة بشكل مستمر وكثيراً ما يعمد بعض التجار إلى إدخال مواد وسلع بسعر صرف معين ومن ثم تخزين جزء كبير منها وطرحها لدى ارتفاع سعر الصرف وهنا يشدد على أنه لابد من تحديد 48 ساعة من لحظة الإفراج عن البضاعة المستوردة في الجمارك لتقديم التكاليف من التجار لدراستها في مديريات الأسعار المختصة مبيناً أن دراسة معظم المواد المصنفة مؤخراً على أنها مواد أساسية هي من اختصاص مديرية الأسعار في وزارة التجارة الداخلية حيث يعمل التجار على تقديم تكاليفهم إليها بشكل مباشر لدراستها وإقرار هامش الربح المسموح به.
وبالعودة إلى الدكتور قريط ورأيه في آليات عمل التجارة الداخلية خلال فترة الأزمة أوضح أن الوزارة غائبة عن الحضور الفعلي في الأسواق التي باتت تشهد فلتاناً غير مسبوق والتجار كلً يغني على ليلاه بينما مازالت التجارة الداخلية تغرد خارج السرب ومعظم إجراءاتها شكلية وغير فاعلة بدءاً من نشرات الأسعار التي تصدرها وانتهاءً بدور مراقبيها وحضورهم الخجول في الأسواق وأن الوزارة لابد أن تنتهج سياسات وقواعد تتناسب مع حجم الأزمة التي تمر بها سورية وخاصة أن الوزارة معنية بشكل مباشر بقوت وكساء المواطن واحتياجاته الأساسية.
التاريخ - 2015-12-02 10:12 PM المشاهدات 826
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا