بين فترة وأخرى، تطفو على السطح دعوات جديدة عن مكافحة الفساد وأساليبه، لكل وزارة فلسفة خاصة بها، وأيضاً عند كل وزير نظرة ورؤية يرى فيهما نجاحاً باهراً في لجم هذه الآفة الخطيرة، آخر الصيحات أطلقها وزير الصناعة بأنه سيحارب الفساد ضمن منهجية صريحة وشفافة تتناول كل مفاصل عمل المؤسسات وواقعها ومقومات إعادتها للحياة، خطوة لاشك تضاف إلى قائمة الخطط والفلسفات الحماسية التي قرأنا وسمعنا مثلها منذ سنوات خلت، و«النتيجة صفر»… ونحن هنا لسنا في وارد التهجم على رؤية وزير الصناعة، إنما الإشارة إلى أن النيّات والتأكيدات لم تأتِ بأي نتيجة على مدار سنوات، وكان الإهمال والفساد ينهشان في جسد ليس فقط الشركات الصناعية وغيرها، ولا أحد استطاع وقف نزيف الهدر المادي الكبير الذي استنزفه ذاك الفساد الذي كان نتيجة عدم متابعة ومعالجة حقيقية وترك الحبل على الغارب أمام بعض المستفيدين..!مخطئ من يظن أن الفساد أقوى من أي تدخل رسمي حقيقي، أو أكثر قوة من القوانين، لدينا الكثير من التشريعات والبلاغات التي تضبط حركة وسير المجتمع، لكن المعاناة شديدة تكمن أحياناً في تعطيل بعض القوانين أو من جراء عدم تطبيقها أو تفعيلها بشكل واقعي وأساسي، تطبيق يضمن المصلحة العامة، ويحدّ من أي بيئة مناسبة لبذور الفساد وشخوصه..الآفة موجودة داخل مؤسسات عديدة، وكل ما تملكه وزاراتنا هو أفكار جميلة ووعود تنوعت بتنوع السادة الوزراء، وتمضي السنوات لنفاجأ بعد حين أننا وسط معمعة فساد كبرى، لم تجدِ معها كل التصويبات المتخذة أي نجاع أو فائدة…!لقد تركت كارثة الحرب المؤلمة على بلدنا بآثارها السلبية فنوناً وإبداعات لم تكن تخطر على بال من قبل أشخاص كان شغلهم الشاغل اقتناص فرص الفساد واستغلال حاجات العباد، ونجحوا في تحقيق مآربهم، وكان مرد نجاحهم لعدم تفعيل بعض القوانين والاحتيال على بعض الإجراءات وهذا هو الداء الخطير..!ما هو مطلوب اليوم في الدرجة الأولى، تغيير السياسات فيما يتعلق بأهمية تطبيق كامل لأي قانون، وقد لا يتم ذلك إلا بالضرب بيد من حديد على الذين يعطلون أو يتلاعبون، فالمحاسبة الجدية يجب أن تطول الجميع بلا مواربة..لقد طال الحلم بضرورة أن تتطهر البلاد من فساد ثقيل، وهي معركة مداها طويل قد تحتاج بعض الوقت، لكن إنّا لمنتظرونهني الحمدان
التاريخ - 2018-05-07 7:33 AM المشاهدات 679
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا