شبكة سورية الحدث


الاتصالات تخسر في تراسل وتبحث عن تعويض من جيوب المواطنين!

أثارت تصريحات المدير العام للهيئة الناظمة للاتصالات والبريد إباء عويشق، بشأن حجب المكالمات الصوتية والفيديو سخطاً عاماً بين أوساط المواطنين، واستغرب المتابعون كيف يكون تفكير المعنيين بهذه الطريقة، لدرجة دفعت العديد للقول: هل تحاول الاتصالات منع الاختلاط الإلكتروني استجابة لما نادى به أحدهم قبل أيام عدة من أجل إعادتنا للقرون الوسطى، لكن الغيورين وقفوا لذلك ولأمثاله بالمرصاد، واليوم يتكرر المشهد بطرق أخرى من خلال التلويح بالنية لحجب المكالمات التي يحصل عليها المواطن بشكل مجاني، وكما يتساءل عضو مجلس الشعب- الدكتور محمد خير العكام-: هل الحجب في هذا الوقت مفيد ويؤدي إلى تعميق هذا التواصل أم إنه يؤدي لتمزيقه؟ الآراء التي تم رصدها تعبر من دون شك عن حالة قنوط ويأس تجاه من يفكرون نحو جيوب المواطن فقط، وكأنه الحل الوحيد لإبداعاتهم الفكرية، متناسين ما قدمه من تضحيات جسام في معركتنا مع الإرهاب على مدى سبع سنوات عجاف. وترى في هذه الخطوة التي هي الآن قيد الدراسة أنها ستنعكس بشكل سلبي على الموطن اقتصادياً واجتماعياً، وقبل أن يقع الفأس بالرأس يطالبون بمنع حدوثها أو إقرارها، ولاسيما أن الخدمات المقدمة على مدى سنوات عديدة لم ترتقِ إلى مستوى الطموح في ضوء المشكلات القائمة، ولم ينسَ السوريون بعد قضية القرش والكبل البحري والتوقيف الاحترازي لعدد من مسؤولي المؤسسة وعدم وضوح الرؤية في أكثر من جانب ووو.. 31 نائباً من أعضاء مجلس الشعب قبل أيام طرحوا العديد من الأسئلة تخص واقع الإنترنت وضعفه وحجب المكالمات الصوتية والمصورة على وزير الاتصالات والتقانة الدكتور علي الظفير، لكن الإجابات التي تلقوها كما نقل لنا لم تكن واضحة، وبقي الظمأ حاضراً تحت قبة المجلس للوصول إلى إجابات شافية ترضي طموح المواطنين، كما جاء في مداخلة عضو مجلس الشعب نبيل صالح. لن تكون مجدية يرى العديد من خبراء الاتصالات أن عملية الحجب لن تكون مجدية، لأن هناك برامج الفيديو والصوت وكذلك البروكسي التي يمكنها تجاوز عملية الحجب، وتالياً ستدفع المواطنين لتجاوز القوانين من خلال البحث عن الوسائل البديلة. صحيح أن حجب الخدمة مطبق في دول الخليج، لكن علينا النظر لذلك من جانب اقتصادي، كم هو راتب الموظف هناك، وكم عندنا، ووفقاً لذلك لن تشكل إضافة 50 دولاراً عليه للحصول على الخدمة المأجورة مشكلة، بينما ستشكل عبئاً إضافياً على مواطنينا الذين يعانون في الأساس من ظروف معيشية قاهرة، عدا الظروف الاجتماعية والجوانب الفنية. أما إذا كانت المسألة لتلافي ضعف الإنترنت وفقاً لما يحكى أن المواطنين يمضون أوقاتاً طويلة على «الواتس»، فالمفروض البحث عن الحلول الكفيلة بتحسين الخدمة بشكل عام وزيادة عدد البوابات لتلافي حالة الضعف، بغض النظر عن قضية حجب المكالمات الصوتية والفيديو، فلا يعقل أن تكون الحلول دائماً من كيس المواطن وعلى حسابه، لأن قطاع الاتصالات رابح جداً، وحري بالمعنيين التفتيش عن الحلول، من دون الولوج في جيوب الفقراء. أيضاً ينبغي أن يدرك الجميع أن استخدام البروكسي على سبيل المثال سيحرم الجهات المعنية من تتبع وكشف خيوط أي جريمة إلكترونية، وتالياً محاسبة الفاعل، فاستخدامه (البروكسي) قد يعطيك ip من أحد الدول الأوروبية على سبيل المثال، أو غيرها وعندها تصبح المسألة معقدة جداً في عملية الكشف للوصول إلى الفاعلين الحقيقيين الذين قد يكونون بجانبنا، فما الفائدة عندئذ من الحجب؟ استطلاع 83% من الذين توجهت لهم «تشرين» بالسؤال عن المبلغ الذي ينفق شهرياً للحصول على خدمة الإنترنت كانوا من الذين ينفقون أكثر من 3000 ليرة، بينما الذين ينفقون ألفي ليرة شكلوا 12%، أما الذين ينفقون ألف ليرة فقط فلم تتجاوز نسبتهم 4% من أصل 100 شخص شاركوا في الإجابة عن أسئلة الاستطلاع. وتنوّعت الآراء الرافضة لموضوع دراسة حجب المكالمات ا الذي تتدارسه وزارة الاتصالات، حسب تصريح عويشق. فقالت نهال يزبك: إن على الوزارة البحث عن حلول تخدّم المواطن، وعلى الوزارة أن تتدارس تخفيض أسعار المكالمات لتتناسب مع مستوى دخل المواطن. أما علاء برجس، فقال: إن أغلبية دول العالم فيها اتصالات عبر الإنترنت، ومع ذلك شركات الاتصالات فيها رابحة أو على الأقل غير خاسرة، وتستمر بتقديم خدماتها للمواطنين، وفي حال لم يستطع القائمون على هذا القطاع الحيوي المهم تطويره وإيجاد حلول مناسبة تحقق مردوداً منطقياً وتبقيهم في دائرة المنافسة، هل يكون الحل بحجب المكالمات عن الناس؟ من جهته نبيل الحموي أكد أنّه لن يدعم أي توجه لزيادة المعاناة والفوارق بين شرائح الشعب، وتحويل خدمات عادية إلى ميزات لمن يدفع أكثر، مضيفاً أن الحكومة تحاول رفد الخزينة، والشركات تحاول زيادة أرباحها، أي إن المصلحة مشتركة، لكن الحكومة عندما تلجأ إلى جيوب المواطنين لرفد الخزينة، فهي تحاول تعويض عجزها من مكان آخر، مثل عدم قدرتها أو عدم الرغبة في معالجة التهرب الضريبي والقضايا الجمركية والقروض المتعثرة وضبط الأسعار والأسواق.. إلخ. وواقع الحال يقول: إن سوق الاتصالات فيه احتكار شديد، فموضوع إلغاء خدمات وميزات بحجة تدني الإيرادات مضحك مبكٍ، لأن الحكومة بإمكانها زيادة حصتها التي تخلت عنها لمحاباة الشركات الخاصة، عوضاً عن اللجوء إلى عصر المواطن المسؤول الأول عن أرباح الشركات وحصة الحكومة منها. وتعارض أنانا مهلوبي الأمر من جهتين: الأولى -حسبما قالت- هي إنها وعبر إنفاقها تنتظر خدمة مفتوحة كما وعدت شركة الاتصالات، ومن جهة أخرى لأن الإنترنت هو المنفذ الرئيس للمعرفة والثقافة والتواصل مع المغتربين. كذلك أوضح تمام الصالح أنه ضد قرارات التقنين، لأنها ضد الاستخدام الطبيعي للإنترنت الذي أقر ضمن حقوق الإنسان، مبيناً أن قراراً كهذا يهدف فقط إلى سرقة الناس حرفياً، لأن إلغاء الاتصال الصوتي والفيديو ضغط على الناس لاستخدام الاتصال الخلوي العادي أو استخدام تطبيقات تزودنا بها شركات الاتصال خاصة بها، مقابل اشتراك شهري، والغريب أنه خلال سنوات الحرب الأشد لم يصدر قرار كهذا، فما حاجته حالياً؟ وقللت إصلاح سلوم من أهمية الأمر، موضحة أنه حتى لو تم حجب المكالمات، فهناك برامج بسيطة قادرة على إزالة هذا الحجب، وسيعود المواطن لاستخدام المكالمات ومكالمات الفيديو، لكن السؤال هو: لماذا الإصرار على تحويل مسلمات تكنولوجيا العصر إلى نوع من الرفاهية الواجب على المواطن دفع ضريبة عالية للحصول عليها؟ الوحيدة التي أيدت حجب المكالمات هي السيدة وفاء سيفو التي قالت: إنها لن تناقش موضوع السعر قبل أن تناقش موضوع الإنترنت كاملاً، فهو –حسب رأيها- ورغم إيجابياته، وباء حل بمجتمعاتنا وأسرنا وقيمنا وأخلاقنا بشكل عام، مضيفة: إنه حاجة وليس رفاهية، ولتحقيق المفيد منه يكفي القليل من سرعته، وهذا مقدور عليه عند الجميع، أما الحاجة الأساسية التي هي التواصل مع المغتربين، فجميع هؤلاء المغتربون يرسلون الأموال لذويهم، مع فرق سعر الصرف، فلا بأس في أن يتم تخصيص ما يعادل 10 دولارات لمصروف الإنترنت خلال شهرين، أي بمعدل 5 دولارات في الشهر، وتابعت: بالنسبة للفقراء فهم بحاجة للعمل وليس للإنترنت، أما الطلاب، ولاسيما الجامعيون منهم، فهم بحاجة للدراسة أكثر وليس للإنترنت، لأنه أطلق الانحلال والبطالة واللاأخلاق، وأتمنى أن يتم تقنين استعماله، ليعود الناس إلى حيواتهم الحقيقية لا الافتراضية. لست مع حجب الخدمة الدكتور محمد خير العكام- أستاذ القانون في كلية الحقوق في جامعة دمشق وعضو مجلس الشعب- قال لـ«تشرين» في وقفة معه: لست مع حجب خدمة المكالمات الصوتية كلياً، لأن هذه الخدمة المجانية حالياً تؤمن التواصل بين المواطنين السوريين الذين هجّرهم الإرهاب طوعاً، وهذه الخدمة وسيلة التواصل الأبرز مع أولاد المواطنين الموجودين خارج القطر، وعلينا أن نأخذ ذلك في الحسبان، وتبرز في هذه المرحلة أهمية التواصل بين الداخل والخارج، ولابد من التفكير في أن يكون منسجماً مع ذلك، أما وفق ما تفكر به الهيئة الناظمة للاتصالات، فإنها ستمنع هذا التواصل بين أبناء الوطن، أو تصبح إمكانية التواصل مكلفة جداً، ولا تتناسب مع دخول الناس، وهذا خطأ كبير ينبغي العمل على تلافي الوقوع به. عملية التواصل يضيف الدكتور عكام: نحن بأمس الحاجة اليوم بعد هذه الحرب الطويلة على سورية لتحقيق عملية التواصل بين أبناء الوطن الواحد، فهل الحجب في هذا الوقت مفيد، ويؤدي إلى تعميق هذا التواصل أم إنه يؤدي لتمزيقه؟ هذا سؤال كبير برسم المعنيين في قطاع الاتصالات عليهم أن يجيبوا عنه!! الألعاب الخطرة يتساءل عضو مجلس الشغعب بعد ذلك: لماذا لم تقم الشركة بحجب بعض الألعاب الخطرة التي ذهب ضحيتها عدد من الأولاد، مثل لعبة الحوت الأزرق على سبيل المثال، علماً أن هذه التطبيقات في رأيي أكثر خطورة على المجتمع، ولماذا لم تبادر للتفكير الجدي في حجب هذه الألعاب الخطرة على حياة أولادنا، إلا إذا كانت هناك أسباب مخفية لا يريد المعنيون البوح بها. الموازنة بين حالتين في المحصلة -وفقاً للدكتور العكام- هذه أسئلة مشروعة على الجهات المعنية أن ترد على تساؤلاتنا، وعلينا أن نوازي من الناحية المالية البحتة بين تكلفة حجب هذه الخدمة، والرسوم التي يمكن أن تحصل عليها من جراء فرضها على المواطنين لتنظيمها، على أن تكون رسوماً منخفضة وتتناسب مع دخول المواطنين. وإذا كانت حجة المعنيين أن خدمة المكالمات الصوتية والمصورة تضيّع على الدولة إيرادات كبرى، فعلينا الموازنة بين تكلفة الحجب والرسوم المتحصلة في حال إقرارها، ولا ندري إذا كانت لدى الاتصالات أسباب أخرى للحجب، وهنا عليها أن تبين هذه الأسباب لنناقشها، أما إذا كانت الغاية مالية بحتة، فهذا الأمر في اعتقادي غير دقيق وغير صحيح أو مقبول. الجانب التقني والفني يختم العكام حديثه قائلاً: علينا أن نفكر جدياً أيضاً في الجانب التقني والفني.. هل يمكن تحقيق ذلك بشكل كلي؟ وعدم قدرة أحد على تخطي مسألة الحجب من خلال استخدام «البروكسي على سبيل المثال» وغيرها من الأساليب، وتالياً يحصل الراغبون على تلك الخدمة بغض النظر عن حجب المعنيين في وزارة التقانة والاتصالات، وفي هذه الحال سيطول الحجب الفقراء المساكين دون الأغنياء الذين يمكنهم الولوج وتحقيق تلك الخدمة بأساليب متعددة، فهل في ذلك حكمة؟؟ أعباء مادية وأمراض نفسية لقد حوّلت الشبكة العنكبوتية العالم إلى قرية صغيرة لا يحتاج الدخول إليها جواز سفر، فكبسة زر باتت تقرب المسافات وتكسر الحواجز، وتجمع بين الأحبة، ولاسيما من هم خارج الوطن، فخففت عنهم مرارة الغربة والفراق، حتى داخل الوطن فإن هناك الكثير من الطلبة مثلاً الذين يتواصلون مع جامعاتهم عبر الإنترنت، والعديد من المعاملات التي يمكن إنجازها عبر الإنترنت، والسؤال الذي يطرح نفسه: هل يعقل أن المؤسسة غابت عنها كل الجوانب المتعلقة بحياة المواطنين عندما فكرت في اتخاذ قرار كهذا، ومنها الجانب الاجتماعي النفسي؟ بناء الثقة أولاً وللتعرف على الآثار الاجتماعية التي يمكن أن تنعكس على المواطنين، توقفت «تشرين» مع الدكتورة رشا شعبان– قسم الفلسفة والمجتمع- جامعة دمشق، التي تحدثت عن ضرورة مراعاة الظروف المعيشية عند التفكير باتخاذ أي قرار، وقالت: إن صدور هذا القرار سوف يكون صادماً لأنه سيزيد الخناق على المواطن ويحمله أعباء جديدة ترهقه مادياً واجتماعياً، وسيؤدي إلى زعزعة أسس الثقة بين المواطن والحكومة التي يجب أن تكون في خدمة المواطن ومن مهامها الأساسية اتخاذ قرارات متوازنة ومدروسة لتأمين كل السبل لتحقيق جميع خدماته ومتطلباته واحتياجاته، فنحن اليوم في مرحلة إعادة الإعمار، ويعدّ بناء الثقة من أهم أركانها، وتساءلت الدكتورة شعبان: إذا كانت مؤسسة الاتصالات مؤسسة رابحة وليست خاسرة، فما الداعي للتفكير بهذا المنحى، ولاسيما أن المواطن يلتزم بدفع الاشتراك الشهري! وعن جدوى تسريب القرار قبل صدوره، بينت د.شعبان أن التسريب حالة غير صحية تؤدي إلى زيادة نقمة المواطن وقلقه وخوفه الدائم من المستقبل، فيبدأ بإطلاق أحكام سلبية وتزداد عليه الضغوط النفسية التي من الممكن أن تصل به إلى الإصابة بمرض الاكتئاب أو غيره من الأمراض النفسية. لتختتم حديثها بالقول: إن منهجية العمل المؤسساتي تقتضي من الجهات المختصة عند التفكير بتغيير أو اتخاذ أي قرار، تحضير البدائل الملائمة التي تشكل ردود فعل إيجابية تنال رضى جميع فئات المجتمع، وتشكل لديهم حالة من الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي والنفسي، ففي كل دول العالم تسعى الحكومات إلى خلق حلول وإصدار قرارات تحسن الوضع المعيشي للمواطن وتحقق له الرفاهية، وليس العكس. ما الحاجة لقرار كهذا من الناحية الاقتصادية؟ هذا السؤال أجابت عنه الدكتورة نسرين زريق (دكتوراه في الاقتصاد) بسؤال استنكاري هو: هل أصبحنا في زمن الاقتصاد الذي يعيش على ضرائب الشعب؟ أين الموارد الطبيعية؟ وقالت: دائماً هناك بدائل، لعل أبرزها الإنتاج وتفعيله، فعادة الدول تعتمد في خزائنها على ما تنتجه شركاتها ومعاملها، إضافة إلى ما تصدره من بترول وغاز ومشتقات نفطية متنوعة. وتلجأ الدول معدومة الموارد الطبيعية لخيار الاعتماد على الضرائب وعلى المساعدات، وتُنعت لهذا السبب بالدول الفاشلة اقتصادياً، كما أن التفنن في الجباية لزيادة المدخول فن اقتصادي قديم، تستخدمه الدول عند الحاجة لضخ سيولة كبيرة للخزينة معاكس لضخها الكمي للعملات الورقية، وذلك حتى تؤمن توازناً يمنع سعر الصرف من التدهور، وإن قامت بنسخ أو استنساخ عملاتها الورقية من دون استناد إلى احتياطي استراتيجي من العملات يحقق لها المساحة لمزيد من الإصدار والطباعة، فتكلفة الطباعة ليست قليلة من ناحية، وطباعة نقد لا أساس له من الاحتياطي كارثة من ناحية ثانية. في النتيجة، تنوع الموارد الطبيعية واتساع رقعة سيطرة الدولة على أراضيها المحررة من الإرهاب الشاملة للكثير من الآبار النفطية ينفيان سبب تكثيف أدوات الجباية من ضرائب أو تحصيل أرباح إضافية من حجب الاتصال الشبكي وتجييره للخليوي، وإن كانت الحجة التصرف كالدول المتطورة التي سبقتنا بهذا الحجب، فنعم، هو إجراء اقتصادي صحيح إن كنا نرى بلدنا بمصاف الدول الاقتصادية الخمس الكبرى من ناحية دخول الأفراد والوضع المعيشي، ومن ناحية أن أسعار المكالمات أصلاً منخفضة وتتناسب مع دخل الفرد. وأضافت د. زريق: الموضوع يأتي حزمة واحدة، فعندما تصبح رواتب القطاعين العام والخاص في سورية بآلاف الدولارات كما في بقية الدول الغنية كالإمارات، حينها تحق زيادة معدل الحرمان من التحسن المعيشي بحجة تجيير الرفاهية للخزينة، ولكن في حالتنا نحن نجير الحاجة الأساسية لصالح الخزينة، فالملايين من السوريين لاجئون، وتدرك الحكومة ذلك، وتقوم بتوجيهات من الرئاسة بتأهيل كل الظروف لعودتهم، وإن تم الحجب، فإن المحادثات التي كانت مجانية بين الأهل والأبناء ستصبح مأجورة بمبالغ يعود نصفها على الأقل لمصلحة خزائن شركات الاتصالات في العالم، هذا إن تحدثنا عن المكالمات الخارجية، وإن تحدثنا عن المحلية، فسيحقق ذلك زيادة من الحصة الضريبية الموجهة للخزينة من خزائن شركات الخليوي، وسيزيد أيضاً من ضغط المواطن على الحكومة لرفع دخله من جهة، وتحسين معيشته من جهة، وتخفيض أسعار المكالمات من جهة ثالثة، ليعود بمستوى إن أجريته حسابياً، ستجد أن الضريبة المضافة ستعود للضآلة بموجب العروض والتخفيضات لدقائق الخليوي، وذلك إن وضعنا في الحسبان استجابة حكومية لتلك الضغوط الشعبية والنداءات. وبيّنت د. زريق أن المواطن أصبح يعتمد على هذه المكالمات المجانية في عمله أيضاً، وذلك ليجيّر ما وفره من ذلك لمصلحة لقمة أولاده، أما بإجراء كهذا – أي حجب المكالمات – سيكون الخبز مقابل هواتف العمل. الأمر ليس أخلاقياً، ولا اقتصادياً لتأثر الأعمال الحتمية به . ورداً على من يدّعي أن شركات الاتصالات تخسر، أكدت د. زريق أن شركتي الاتصالات في سورية (سيرياتيل وإم تي إن) تنشران أرباحهما بشكل دوري، بموجب أنها شركات مساهمة، وستدرج أسماءها في البورصة السورية، ولها عدة مالكين، وهذا يستوجب تصريحاً دورياً بأرباحهم، مؤكدة أنهما لم تخسرا ليرة واحدة طوال فترة الحرب، وآخر تصريح عن أرباحهما كان من فترة قريبة، فقد صرحت «سيرياتيل» عن ارتفاع هائل في أرباحها، ونشر ذلك في وسائل الإعلام السورية الرسمية. وختمت د. زريق حديثها بالمثال التالي: أنا مشتركة بحزمة سيرف 35 غيغا أحتاجها لتحميل الملفات في عملي، وأدفع شهرياً 18 ألف ليرة، وإن تم حجب المكالمات، فمن المؤكد أنني لن أتحدث بـ 18 ألف ليرة فوق الـ 18 ألفاً التي أدفعها لتحميل الملفات، بل وبكل بساطة، سألجأ لاستخدام بروكسي (مانع حجب) ثمنه دولاران، ولا أعتقد أن شركات الاتصالات في العالم كله استطاعت مكافحة هذه الطريقة. تخبط « الاتصالات»  التقت مدير مزود خدمة الإنترنت في الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية أيمن شحادة الذي يرى -حسب وجهة نظره- أن التخبط الذي وقعت فيه وزارة الاتصالات والدراسات التي تقوم بها، نتيجة الخسارة المالية لشركة الاتصالات الخاصة بالإنترنت (تراسل)، إذ إن الشركة تشتري المادة الأولية للإنترنت؛ وهي الحزمة الدولية للإنترنت (باندوز) بالقطع الأجنبي، ويتم بيعها لمزودات الإنترنت والمستهلكين بالليرة السورية، ويقول: بشكل تقريبي سعر 1 ميغا من (باندوز) 10 دولارات، وكانت الاتصالات في عام 2012 تبيع هذه الكمية من الإنترنت بـ6000 ليرة سورية أي ما يعادل 90 دولاراً (سعر الدولار وقتها كان 70 ليرة)، أما اليوم فيتم شراؤها بالسعر نفسه تقريباً وتباع للمستهلك بـ 5000 ليرة، علماً أن سعر الدولار تضاعف من 2012 إلى اليوم حوالي 7 أضعاف، ومبيع هذه المادة لم يرتفع ليرة واحدة. ويؤكد شحادة أن 60% من تكاليف خدمة الإنترنت بالقطع الأجنبي سواء (باندوز) أو بوابات الإنترنت، وهي وسيلة للربط بين المستهلك والاتصال الدولي، وتكلفتها وسطياً 50 دولاراً، أي ما يعادل 2500 ليرة قبل الأزمة، حينها كانت شركة الاتصالات تتقاضى أجور تركيب البوابة 2000 ليرة، وتالياً تغطي تقريباً قيمة الشراء، مع إنها تشتري اليوم البوابة بالسعر نفسه، أي ما يعادل أكثر من 20 ألف ليرة، إلا أنها تبيعها بـ 2500 ليرة فقط. ويبين شحادة أن تكلفة خدمة الإنترنت لم ترتفع على المواطن أكثر من 30% خلال الأزمة، حيث إنه كان يباع الـ 1/2 ميغا للمشترك بـ 1500 ليرة عام 2012، وانخفض خلال السنوات الفائتة إلى 1100 ليرة، ثم ارتفع على 3 مراحل ليباع اليوم بـ 1650 ليرة فقط، وهذه الأرقام هي أسعار خدمة الإنترنت في الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية التي تتشابه إلى حدّ كبير مع أسعار بقية مزودات خدمة الإنترنت الخاصة، والتي تقترب أيضاً من أسعار مزود (تراسل) التابع لوزارة الاتصالات، فالأسعار شبه موحدة، والعرف بألا ترتفع أسعار المزودات الخاصة على تسعيرة شركة الاتصالات أكثر من 25%. وأشار أيمن إلى أن المعطيات توضح وجود مشكلة لدى وزارة الاتصالات بتأمين كمية أكبر من الحزمة الدولية للإنترنت، وأن زيادة عدد المشتركين من دون زيادة هذه الكمية يؤثر بشكل سلبي في جودة الخدمة، وهذا ما رفض مزود خدمة الإنترنت في الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية القيام به، بعد رفض الوزارة طلب الجمعية بتوسيع حزمة الإنترنت التي تود شراءها، وجاء سبب الرفض؛ استهلاك 99% من الحزمة الموجودة لدى الوزارة. وعن التوزيع العادل للإنترنت أو ترشيد استهلاكه الذي يتم الحديث عنه ضمن القرارات التي تدرسها وزارة الاتصالات يقول شحادة: هذه الطريقة لن تحقق من جهة أولى الربح لشركة الاتصالات، فحسب الإحصاءات الموجودة لعدد المشتركين والسعات التي يستخدمونها لا توجد فروقات كبيرة بين استخدام المواطنين للإنترنت، فالتوزيع العادل كما هو وضع استهلاك الكهرباء ينجح عندما تكون المادة مدعومة من الدولة، أما مؤسسة الاتصالات فلا يمكنها تقديم هذه الخدمة مدعومة، ومن جهة ثانية الطريقة السابقة لن تحقق زيادة في جودة الإنترنت، وهذا ما لا يرغب المواطن في حدوثه. وعن الحل، يبين شحادة أن الخطوة الأولى تكون بالاعتراف بالمشكلة وتوضيح أسبابها للمواطن بشكل صريح وواضح، فإذا كانت بسبب ارتفاع تكلفة حزمة الإنترنت الدولية _ كما هو واضح _ فيكون الحل برفع سعر الخدمة على المواطن، أما عدم رفع الأسعار مقابل تقليل الاستهلاك وتضييق الحزمة وتخفيض الجودة فهو حل غير مقنع، فالمجتمع السوري يستخدم الإنترنت كخدمة أساسية ومستعد لدفع أجرة أعلى مقابل حصوله على جودة أفضل، وهذه الزيادة لن تكون كبيرة فيمكن أن تكون زيادة وسطية 25%. تشرين
التاريخ - 2018-10-28 10:19 PM المشاهدات 1178

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم