كسر الحصار والعقوبات الاقتصادية المفروضة علينا حالياً والهادفة لتجويع المواطن, أمر وارد جداً، باعتبار أن الموارد الزراعية والحيوانية متوافرة على عكس الحصار الذي عانيناه فترة الثمانينات, إذ كنا نعتمد على استيراد أغلب المنتجات الزراعية، لكن ما ينقصنا هو حسن إدارة هذه الموارد بصورة أعم وأشمل, والتفكير كيف نستفيد من ارتفاع أسعار الصرف تجاه قيمة منتجاتنا المحلية.
بدأت بفكرة
هذا الرأي يسوقه الخبير التنموي أكرم عفيف مقدماً أفكاراً لدعم وتشجيع الاقتصاد المنزلي ومن ضمنها مشروع «فقاسة بيض» منزلية محلية الصنع بتكلفة لا تتجاوز الـ 25 ألف ليرة, أما في حال تم تصنيعها في المنزل فلا تتجاوز تكلفتها 10 آلاف ليرة .
يقول عفيف: بدأت بتنفيذ هذه الفكرة بداية عام 2011 قدمت فكرة لتربية طيور«الفري» وكان الإنتاج يصل يومياً إلى حوالي 10 أعداد للأسرة، وعدّها بديلاً كافياً للحوم بالنسبة للأسرة، ولاقى المشروع انتشاراً كبيراً خلال هذه الفترة في منطقة سهل الغاب، غير أن الانقطاع المستمر للتيار الكهربائي خلال سنوات الأزمة, وبما أن تشغيل المولدة الكهربائية كان مكلفاً مع قلة توافر المشتقات النفطية ولم تكن البطاريات و«الليدات» وقتها قد انتشرت بشكل كبير, كل ذلك حال دون استمرار المشروع غير أن الفكرة لا تزال قائمة ويمكن التوسع فيها.
ولفت إلى أن الفكرة بدأت عند البحث عن فقاسة منزلية فوجدنا فقاسة روسية مصنعة من الفلين تتسع لحوالي 60 بيضة دجاج و150 بيضة طير «الفري» واستفدنا من هذه الخبرة بتصنع فقاسة مطورة محلية الصنع واكتشفنا أن الفقاسة التي طورناها حققت عائداً أكبر.
مردود اقتصادي
وبحسبة اقتصادية أوضح أنه في حال وضعنا في الفقاسة بيض دجاج فإنها تنتج حوالي 100 صوص كل 21 يوماً، وإذا تم بيعهما بشكل مباشر فإن ثمنهما يصل إلى 20 ألف ليرة، أما في حال تابعنا تربيتها مدة /4/ أشهر فسيكون ناتج قيمتها حوالي/70-80/ ألف ليرة، أي ما يعادل أجر موظف من الدرجة الأولى، وفي حال وضعنا فيها بيض طيور زينة فإنها تعطي ما يقارب /300-400/ ألف ليرة شهرياً، لافتاً إلى أن بيض الطاووس يعطي حوالي مليون ليرة شهرياً. وأضاف: هذا المشروع يمكن أن يشكل مورد عيش لعشرات الأسر في الأرياف ويسهم في التنمية الاقتصادية، فتربية الطيور على نطاق واسع تحتاج للذرة كمادة علفية ما يشجع على زراعة هذه المادة والمساهمة في تصريفها بدلاً من كسادها لدى الفلاح.
وأشار إلى أن إنشاء المداجن والمفاقس يحتاج عادة إلى تجهيزات وتكاليف مرتفعة إلى وقت طويل بينما هذه الطريقة تحقق التشاركية مع المجتمع المحلي وتحقق عائداً اقتصادياً جيداً, لافتاً إلى أنه في حال تم استهداف حوالي مليون ونصف المليون أسرة من أصل 5 ملايين أسرة لهذا المشروع وقامت هذه الأسر بتربية ما يقارب 50 دجاجة قابلة للتفقيس ما يعني 75 مليون دجاجة أي تعطي حوالي 75 مليون بيضة يومياً، وهذا الرقم يغطي إنتاج المؤسسة العامة للدواجن التي يصل إنتاجها إلى 160مليون بيضة سنوياً.
وحول جهود الحكومة ووزارة الزراعة ودعمها للمشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر خاصة فيما يتعلق بمنحة توزيع الدجاج أوضح أنها لم تثمر، لأنه تم توزيع دجاج غير قابل للتفقيس وكانت نهاية الدجاج على موائد الأسر المستهدفة، ملمحاً إلى وجود فساد في هذا المشروع.
فرص ضائعة
واستغرب عفيف من أن الفلاح يبيع كيلو غرام البرتقال بـ 25 ليرة بينما ثمن مربى قشر البرتقال 1500 ليرة، والعصائر في بلادنا مستوردة من الدول المجاورة متسائلاً: هل يزرع البرتقال في الخليج حتى نستورده! منوها بأن سعر كيلو اللفت المستخدم في صناعة المخلل في أسواق الهال حوالي 30 ليرة بالجملة، والفلاح لا يسترد ثمن أتعابه من زراعته, علماً أن هذه المادة مطلوبة على مستوى العالم.
ورأى أن السلل الغذائية الموزعة أدت إلى تراجع زراعة البقوليات (كالحمص والعدس والبرغل) بسبب رخص ثمنها في الأسواق مقارنة بأسعار السوق.
القطن الطبي
وأشار عفيف إلى: أن سعر القطن المحلي وتكاليف الإنتاج العالية أديا إلى تراجع هذه الزراعة بشكل كبير وصل إلى انعدامها تقريباً، وعندما تسأل المعنيين تكون الإجابات بأن الأمر يتعلق بالسعر العالمي أما الفلاح فيتحدث عن ارتفاع التكلفة.
ورأى أن إمكانية حل هذه المشكلة تكون عن طريق صناعات بديلة كمشروعات صغيرة أو متناهية الصغر مثل ورشة تصنيع القطن الطبي، وهو مشروع ﻻ يحتاج شيئاً فقط إلى «ندافة» قطن تعمل على الكهرباء المنزلية ومعقم وأكياس صغيرة وميزان صغير وخرازة, وبشراء القطن بسعر 250 ليرة للكيلو غرام يجعل منه مشروعاً اقتصادياً ويباع القطن الطبي بسعر عالمي منافس ومحلي يجعل من المشروع ذا جدوى اقتصادية ويمكن أن تنفذ مشاريع تجعل من القطن زراعة رائدة ويجعل من تجارة القطن الطبي عملية نوعية تحقق ﻻ يقل عن 20 ألف ليرة سورية ربحاً يومياً ويمكن إدراجها باﻻقتصاد المحلي بسبب الربح.
غير صحيح!
وبمراجعة وزارة الزراعة للرد على ما ذكر بخصوص توزيع دجاج غير قابل للتفقيس في إطار الجهود المبذولة من قبل الوزارة لمساعدة الأسر الريفية التي تعيلها النساء على تحسين دخلها عبر تقديم 20 ألف منحة مجانية, نفى مدير التخطيط في الوزارة هيثم حيدر صحة ما يشاع عن أن الدجاج الذي تم توزيعه غير قابل للتفقيس وقال: الدجاج الموزع هو من إنتاج المؤسسة العامة للدواجن وهناك لجان مختصة أشرفت على موضوع التوزيع وأن الوزارة تسعى إلى إيجاد تكامل في مشاريع التنمية الريفية عبر دعم الإنتاج والتسويق، وأنه لم يرد أي شكوى بهذا الخصوص وأن الوزارة حريصة على عدم ضرب جهودها لأنها قدمت دعماً كبيراً في هذا المجال، مشيراً إلى أن المنح الإنتاجية استهدفت الأسر الأكثر تضرراً من تداعيات الأزمة التي تمر فيها البلاد.
يشار إلى أن الحكومة قررت العام الماضي توزيع بضع دجاجات بيّاضة وعلف مجاني كمنحة للأسر في المناطق الريفية، وخصّص مجلس الوزراء مبلغ مليار ليرة سورية لتقديم منحة مجانية للأسر الريفية تشمل 15 دجاجة بياضة مع 50 كيلوغراماً من العلف، بهدف تشجيع تربية الدواجن المنزلية وتمكين الأسر الريفية اقتصادياً.
تشرين
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا