شبكة سورية الحدث


اللحظة الراهنة والموقف العقلي في تجاوز المحنة الروسية!

اللحظة الراهنة والموقف العقلي في تجاوز المحنة الروسية!


سورية الحدث الإخباري - السويداء - معين حمد العمّاطوري  
يعتبر العمل الإعلامي عملاً توثيقياً وتدوينياً في تأريخ اللحظة الرّاهنة، وتكوين الرأي العام من خلال أحدث الأساليب والطرق الإعلامية المتبعة، حيث سأقوم بتدوين رؤية ثقافية مجتمعية باستخدام الصحافة الإستقصائية في تكوين تلك الآراء والأفكار إزاء ما تتعرّض له روسيا من أحداث جارية بحيث كانت النسبة الكبرى من البيانات والمعلومات الواردة في هذه المقال هي من نتاج تمازج وتبادل الرؤية بين أفراد المجتمع الأرثوذكسي، لنصل إلى نتيجة مفادها.
إن الحالة الراهنة للأوضاع السياسية والثقافية في المنطقة الإقليمية عامل قلق للأطياف الدينية عامة، إذ تكاد لا تخلو فئة مجتمعية دينية كانت أو سياسية إلّا وقد تأثرت في التخبط السياسي الإقليمي وخاصة في الآونة الأخيرة لما تتعرض له روسيا من تداعيات سياسية وإختلاطات في المفاهيم والمواقف الغربية التي تحاول تفتيت البنية التركيبية المجتمعية للفئات الدينية والسياسية والتي تعمل على عامل هام في عملها منذ تكوينها جعل المنطقة تعيش في فوضى دائمة ولهذا فهو القادر أي الغرب على خلق المشاكل بين الأطياف وأهمها اليوم: 
واحدة من المشاكل المهمة للمسيحية هي استخدام الدين لأغراض سياسية، مما يؤدي في النهاية إلى اضطهاد المؤمنين وأعمال العنف التي تنطوي على قوى خارجية في كثير من الأحيان، ومن الأمثلة الحية على ذلك الموقف مع أحداث الكنيسة الأرثوذكسية الروسية، حيث أعلن ما يسمى بالكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية الاستقلال عن بطريركية موسكو، ومع ذلك لم يؤيد جزء كبير من المؤمنين مثل هذا القرار، نتيجة لذلك ويشتبك مؤيدو الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المستقلة علنًا مع ممثلي البطريركية الأرثوذكسية الأوكرانية في موسكو، والمفارقة هي حقيقة أن مؤيدي استقلال الكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية قد اجتذبوا أعضاء من الفوج القومي "آزوف" لحل مشاكلهم، ومعظمهم من أتباع الحركات غير الوثنية وقد أظهروا علانية أكثر من مرة عبادة معبود الإله الوثني بيرون (على سبيل المثال، في البطولات الرياضية التي أقيمت في مدينة ماريوبول)،  وهناك حقائق معروفة عن نداء قائد فوج آزوف أندريه بيلتسكي لإدارة كييف من أجل تسهيل تسجيل المجتمع الوثني رودوبوجي،  لا يقل غرابة عبادة أعضاء فوج آزوف، ليس فقط للآلهة الوثنية السلافية، ولكن أيضًا للآلهة الإسكندنافية، نتيجة لذلك، تنتشر أفكار معاداة المسيحية والسحر بين أعضاء المنظمة، وتتجلى في طقوس احتفالية مختلفة، مثل ما يسمى نداء الأسماء على الموتى، في هذه الحالة، تعتبر تصرفات رئيس ما يسمى بالكنيسة الأرثوذكسية الأوكرانية المستقلة خيانة للمؤمنين في بلدهم، حيث يتم اضطهاد نفس المسيحيين الذين قرروا البقاء تحت بطريركية موسكو.
وبالنظر إلى خصوصية الموقف الإقليمي وما تتعرض له الكنيسة الأرثوذكسية في كافة أنحاء العالم تجعلنا أمام مشهد فيه من التأمل السياسي والإنساني والأخلاقي والتاريخي ما يجعلنا نقف أمام هذه الظاهرة موقفاً اعتبارياً لأسباب أهمها: 
١- إن الكنيسة الأرثوذكسية تتعرض اليوم إلى هجمة غربية من شأنها نشر تداعيات الموقف الاستعماري الغربي ونهجه في بث الفتن وإضعاف الشعور القومي والوطني في كل منطقة جغرافية من العالم تتواجد فيها الكنيسة الأرثوذكسية، وتتمحور حول جعلها مناهضة للمنطقة الجغرافية المنتمية لها. 
٢- إيجاد رؤية توافقية اجتماعية وطيفيّة تحمل روح التسامح ومفهومه الثقافي والفكري على قاعدة أنّ الأرثوذكسية الإقليمية هي عامل توافقي في المنطقة وليست عامل يساعد على الإضطهاد والإستبداد والحرب. 
٣- إن الرؤية العامة التي تتكون منها الثقافة السورية هي اتساق الموقف في التعاطي مع الأحداث الجارية السياسية والعسكرية والتطور التقني العلمي على أن المنطقة هي قرية صغيرة، وبالتالي في أي بقعة جغرافية يشوبها أي تعرّض بنيوي تتأثر المنطقة مجتمعة، بمعنى إن القناعة السورية وما قدّمته الدولة الروسية لها هي ملتزمة بموقفها السياسي بحيث ما تتعرض له سورية تتعرض له روسيا والعكس صحيح. 
٤- إن العلاقات التاريخية للأطياف الفكرية والثقافية في المنطقة منذ قرون عديدة جعلت من روسيا تأخذ الدور التوافقي والتصالح بين شعوب المنطقة، ولهذا تعتبر الأطياف الدينية في سورية إن تاريخ روسيا لا يمكن أن يكون تاريخاً استعمارياً، لما للاستعمار من مفاهيم لا إنسانية وتدميرية للحضارة وللفكر وللأخلاق وللثقافة. 
٥- إن البنية الاجتماعية الفكرية والسلوكية لدى شعوب المنطقة تتضامن في نهجها الإنساني على بقاء وموقف روسيا لحماية الإنسانية من الاضطهاد والعنف الغربي. 
٦- لدى الذاكرة السورية التاريخية موقفاً إزاء ما تعرضت له البلاد قبل قرون من الزمن في إتباع سياسية التتريك والتجهيل كيف عملت روسيا على بناء مدارس تعليمية لنشر الثقافة والتعليم وحماية المقدّسات الدينية على مختلف أطيافها وبناء الشخصية الفكرية القائمة على المحبة والسّلام. إذ عملت روسيا على إنشاء مئة ومدرستين في المنطقة لحماية المؤمنين المسيحيين وجعل محراب صلاتهم أيقونة جديدة للنهوض في المنطقة فكرياً وصناعياً وتجارياً وثقافياً.
٧- إن المدارس التي أنشأتها روسيا خلال القرون السابقة لم تعزز لغتها في المنطقة، إنما كرّست اللغة العربية في المدارس التي أنشأتها للمؤمنين ونشر طيف إنتاجها الإنساني والثقافي على المنطقة. 
نستنتج إن ما يحاول فعله الغرب من تداعيات الموقف في الآونة الأخيرة ضد روسيا استخدام إحدى أدواتها في أوكرانيا على إضعاف دور روسيا في المنطقة وجعل أوكرانيا الجزء المسرطن في الجسم الروسي من خلال الخليّة الشاذة التي قامت بدعمها الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية بدعم لوجستياً عدداً قليلاً من الأرثوذكس في أوكرانيا للقيام بأعمال شغب وعنف تهدف في برنامجها إلى محاولة الانفصال عن الكنيسة الأرثوذكسية الأم في روسيا، وهو دليل على أنّ الموقف السياسي لا يبتعد كثيراً في التوجه والرؤية والضغط على بعض الكنائس التي تتبع سياسياً من خلال دولها إلى السياسة الغربية لدعم الحركة الانفصالية في أوكرانيا بحجّة واهية أنها ذات الطيف الواحد. 
وبالعودة إلى الأحداث والوقائع الراهنة في اللحظة التي نعيشها اليوم نلاحظ أن العالم في تقنياته وصراعه التقني يرتهن إلى المنظومة المعلوماتية وبنك المعلومات في المحتوى الفكري والتاريخي ولهذا نشعر أن الذاكرة حينما تحيي ذاتها بذاتها تقف موقف المنتمي بعيداً عن الزمان والمكان والتقانة التي نعيشها مستخدمين الإنتماء الإنساني والتاريخي لتحديد الموقف، وهذا ما انعكسَ على الأكثرية الأرثوذكسية في الكنيسة الأوكرانية لاتخاذ الموقف الوطني القومي لحماية المؤمنين المسيحيين من الزحف الغربي الحامل في ذرّاته التفتيت البنيوي المجتمعي. 

أخيراً ولدى محاورة العديد من أفراد المجتمع السوري بأطيافه وأفكاره المتنوعة، فقد توصّلنا إلى أنّ الشارع السوري يحمل في ثقافته وفكره الإنفعالات النفسية إزاء ما تتعرض له روسيا من مؤامرات غربيّة الشعور بتكريس الموقف الثابت لتعزيز بقاء روسيا في مواجهة المعسكر الغربي وما يحمله من مواقف سياسية وعسكرية لنهب ثروات المنطقة وخيراتها والعبث في مقدّراتها وهذه الرؤية تعكس رأي الشارع السوري بأطيافه المتنوعة يقيناً بما حمله من محنته التي تعرّض لها خلال عشر سنوات سابقة من أعمال إرهابية تطرفيّة بأدوات غربيّة وخاصّة براثن الولايات المتحدة الأمريكية المساندة للمنظمات الإرهابية في الخفاء والتي تقوم بوسائل الغش والخداع في المحافل الدولية بالوقوف ضدها ظاهراً وتعمل على مساندتها باطناً وهذا ما تفعله عبر تاريخها الحافل في الجرائم والحرب والفوضى.

التاريخ - 2022-02-23 12:46 PM المشاهدات 483

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


كلمات مفتاحية: روسيا سورية العرب