شبكة سورية الحدث


الفرنسيون يكيدون المؤامرات... ومحمد البزم يتغنى بأمجاد الثورة

الفرنسيون يكيدون المؤامرات... ومحمد البزم يتغنى بأمجاد الثورة

 
سورية الحدث الإخبارية-السويداء- معين حمد العماطوري  
لعل ما انعكس على انتصار معركة المزرعة من انفعالات وانعكاسات ثقافية وسياسية وشعور وطني، دخل معترك الحياة بمجالاتها الأوسع، فهي وأن لم تستطع فرنسا بقوتها العسكرية وجبروتها السياسية ومكانتها الدولية وسلوكها الاستعماري، أن تخمد الثورة السورية الكبرى أو تنتزع من انتصار معركة المزرعة ذاكرتها الوجدانية والوطنية من أبناء الوطن الواحد، بحيث استطاع الثوار وقادة الثورة السورية الكبرى أن يجعلوا جوهر العلاقة بين الفئات المجتمعية الوطنية السورية قائم على توحيد الرؤية في الاستقلال التام وتوحيد البلاد، رغم محاولة الفرنسيين خلق الفتن والدسائس والمؤامرات بين الفئات المجتمع وتغذية الطائفية، إلا أن الوطنيين الشرفاء كان ردهم في ثقافة واحدة موحدة وفق ما أكده قائد الثور سلطان باشا الأطرش بشعاره الخالد "الدين لله والوطن للجميع" وأردفه بالمقولات متنوعة "لا أكثرية ولا أقلية كلنا في الوطن واحد" هذا النزوع الإبداعي في تصوير عمل الأبطال ونجاح المعركة وانتصار الثوار والثورة على الاستعمار الفرنسي جعلن صفحات التاريخ تزخر بالمعلومات والأفكار والتدوين في التحولات الفكرية والاجتماعية والنفسية، ما دفع العديد من الشعراء أن يكتبوا بروح النتيجة والإدهاش بالهوية الوطنية، ولعل ذلك لم يكن لولا البحث والتنقيب والاجتهاد من العاملين في حقل التأريخ والبحث، لإظهار مكامن الجمال في استحضار اللحظة المنسجمة مع الواقع المعيش، وربما الدراسة التي تحتاج إلى المنهج في البحث والمرجعية الصادقة يعتمد عليها الباحث الحصيف ذو العقل الرشيد والفعل المفيد، وإلا كانت أحداث الثورة ضاعت في زحمة الهجوم المعولم والتقانة الالكترونية الهادفة محاولة مسح الهوية الوطنية لولا تصدي الشرفاء من أبناء الوطن الذين أرادوا إحياء وإذكاء أحداث الثورة واستجداء من ذاكرتها المواقف النبيلة كما فعل الباحث التاريخي المهندس سميح متعب الجباعي في كتابه "ذاكرة الثورة 1920-1939 المجاهد متعب الجباعي" حينما استطاع استحضار الوثائق التاريخية بشكل منهجي علمي وأخضعها لمبدأ المقارنة والمقاربة وخلص منها إلى الحديث الأجمل كما ورد في قصيدة الشاعر الدمشقي محمد البزم في مدحه بطولات ثوار الجبل والتي وثقها الباحث المهندس سميح متعب الجباعي في كتابه ذاكرة الثورة، وذكر مرجعها ومبرر وجدها فهو يذكر قائلاً :    
شكَّلت معركة المزرعة سنة 1925 نقطةَ تحوُّل في تاريخ حركة التّحرُّر العربي مطلع القرن العشرين حيث استطاع ثوّار جبل العرب إبادة حملة فرنسيّة كاملة باعتراف الجنرالات الفرنسيّين أنفسهم، لذا كان من الطّبيعي أن تُشكَّل هذه الـملحمة أيضاً مصدرَ إلهامٍ للكثير من الشّعراء العرب وها هو الشّاعر الدّمشقي المعروف محمد البزم (1887– 1955) يُعبّر عمّا جاش في صدره من مشاعر لدى سـماعه خبر الانتصار الكبير... ويردّ على بعض الـمشايخ المسلمين الذين أفتوا بـحرمة القتال إلى جانب الدّروز بقصيدة جميلة سيرد ذكرها أدناه.
ففي السادس عشر من أيلول 2006 ودّعت قرية الشّبكي واحداً من ثوّار سيوف النّضال وعلماً من أعلام الثّورة المجاهد" أبو إسماعيل متعب الجباعي " وكان في وداعه وفود غفيرة من كلّ الجبل والسّهل ومن ضمنهم وفدٌ من قرية أم ولد في حوران، حيث  ألقى شيخ الوفد أبو تركي علي الرّفاعي قصيدة الشّاعر محمد البزم المنوّه عنها أعلاه يقول فيها :
غادرْ دمـشقَ ويــمِّـمْ دارَ سـلطانـا  على السّويداء لا تـحفلْ بـمن مانا
جُـلْ في حِـماهُ ولا تــعـدلْ بدارتـهِ  أفـياء غمدان مَنْ قد شـادَ غمدانـا
وانزلْ بـعـتـرةِ مـعروفٍ وإخـــوتـهمْ  تلقَ الإبـاءَ  وتلقَ الأُسْدَ فـرسانا
يا آلَ مـعــروفٍ والأنــباءُ ســـائـرةٌ  والخزي مُذْ كانَ مذخوراً لمن خانا
مـا قـد سـمعنا ولا التّاريخُ  حدَّثنـا  بـمــثـلِ فعلــكمُ شِـيـباً وشـبَّـانـا
ثم ينتقل الباحث سميح متعب الجباعي إلى توثيق من نوع آخر متكأ على المراجع التي اعتمد عليها المؤرخين العلميين موضحاً دور شخصية عبد الله النجار الذي مر ذكره سابقاً في سياق النص لكتاب ذاكرة الثورة ودوره السياسي وهنا يوضح بحيادية تامة الباحث "سميح الجباعي" الحادثة كما وردت قائلاً تحت عنوان :  
الوطنيون يسعون بالصّلح والفرنسيون يكيدون لهم :
 ولـمّا حار الفرنسيّون بقوّة الثّوّار وانكسار شرفهم العسكريّ استدعى الجنرال ساراي عبد الله النّجار حيث عهد إليه بمهمّة عقد صلح مع الثّوّار وفي الخامس من آب ، سافر عبد الله النّجار برفقة رئيس استخبارات الشّرق القومندان (دانتز) إلى دمشق بعد أن اتّفق مع الأمير فؤاد أرسلان على استدعائه إذا قويَ أمله بالصّلح ليتمّماه معاً.
ولمّا وصل دمشق انفرد القومندان (دانتز) بالقومندان كربيه – علّة الجبل وأساس ثورته فاسرّ إليه بعدم دخول عبد الله النّجار إلى الجبل (3.1) (3.1) لوجود ضغائن ذكرنا بعضها في ((جبل الدّروز )) ومخافة أن ينضمّ إلى الثّوّار بوصوله إليهم . فاقتنع القومندان (دانتز) وأعطى عبد الله النّجار بطاقة رجوع إلى بيروت كي لا يُلقى القبض عليه كما كان ينوي مندوب المفوّضيّة بدمشق مؤرّخة بتاريخ  اليوم نفسه الذي وصلا فيه .
وفي مساء ذلك اليوم قابل عبد الله النجّار الكابتين رينو وأخبره أنّه عائد إلى بيروت، فالحّ عليه رينو بالبقاء في دمشق، وأخبر الجنرال سراي بلزوم وصوله إلى الجبل.
وفي السياق التاريخي والنصي للحدث يذكر الكاتب استخدام الفرنسيين غاياتهم الماكرة على حساب الموقف كما فعلوا مع عبد الله النجار الذي هدده كاربيه بالقتل إذا لم يعود إلى بيروت ولكن كان نفوذ النجار أقوى من تهديد كاربيه فنقله من مكانه وهذه الواقعة جاءت وفق ما ذكره المرجع العلمي على حد تعبير الكاتب الجباعي فيقول:
تهديد كاربيه لعبد الله النّجار بالقتل إذا لم يرجع إلى بيروت :  
وفي صباح السّادس من  آب 1925، قابل كاربيه عبد الله النّجار في دائرة الاستخبارات الفرنسيّة وقال له: (إذا لم ترجع إلى بيروت فدمُك مهدورٌ ) وقد كان ذلك بحضور جملة من ضبّاط البعثة ومنهم المسيو (بيجان) مستشار الأمن العامّ.
فأخبر عبد الله النجّار صبحي بركات، ومدير قلم المطبوعات الكابتين لابورجوا، بما جرى من حديث مع كاربيه وكيف هدّدهُ، وهما أخبرا بالتالي الجنرال ساراي بهذا الحدث، فقام بنقل كاربيه للإسكندرونة.
أخيراً عند كل منعطف تاريخي يطالعنا الباحث الجباعي برؤية أعتقد أنها الأقرب إلى السرد التاريخي، بحيث ذكر قصيدة محمد البزم الشهيرة، ومناسبتها وهي أثناء عزاء والده المجاهد متعب الجباعي والتي جاءت على لسان أحد المعزيين من قرية ام ولد من محافظة درعا وهو علي الرّفاعي، وبالتالي وثقها بالصوت والصورة، وكذلك الوثائق التي قدمها ليس فقط من كتاب حوران الدامية للباحث الرحالة والصحفي حنا أبي راشد، بل اعتمد على إجراء تقاطع في المعلومات لإيصال الحقيقة التي لا يستسيغها بعض العاملين في حقل التاريخ يقينا أن خلاف الراي لا يفسد للود قضية ..وللحدث بقية.

التاريخ - 2022-08-26 3:47 PM المشاهدات 894

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم