شبكة سورية الحدث


التسول بعد أن أصبحت مهنة

الله يستر عليك، الله يخليلك أولادك، الله يحميك”، كلمات حفظها وامتهنها "المتسولين" ،وفي مدينة جرمانا التي تعتبر المدينة الأكثر ازدحاماً بالسكان، نتيجة هجرة سكان المناطق المجاورة إليها بسبب ظروف الحرب، نرصد في شوارعها إصرار الكثير من المتسولين للحصول على أي شيء، وبشكل يصل حدود المضايقة والإزعاج، هذا عدا عن وجود العديد من النساء المفترشات للأرصفة، ومعهن أطفال رضع، وآخرون ينامون وكأنهم في منازلهم، إحداهن كانت تدخن، وأخرى مشغولة بموبايل في يدها، وتترك المهمة للأطفال بطلب المعونة من المارة، فما هو الحل وقد فاقت الحالة حد الاحتمال؟! وهل وزارة الشؤون أو جمعيات المجتمع الأهلي غافلة عن هذه الفئة رغم وضوحها، وزيادة عددها في كافة المناطق؟!.في إحدى الطرق الرئيسية يجلس رجل في الخمسين من عمره على باب إحدى الصيدليات، يتسوّل المارين، ويجتهد في إثارة عواطفهم للحصول على المال، وفي أوقات الظهيرة تراه يدخن ويتكلم على “الموبايل”، ويتحرك بكل سهولة، وحالته شكّلت حالة نفور من الناس تجاهه، وقد سألنا الكثيرين عن حالته، فجاءت أجوبتهم تفتقد للعطف والشفقة عليه، وحسب أحد المارين الذي أكد أنه ليس بحاجة إلى التسول، فهو يعرفه، ويعرف أولاده، ووضعه المادي جيد، لكنه امتهن التسول، ولا يشعر بالإحراج من هذه المهنة، كونها تعتبر مصدر رزق دون تعب أو جهد؟!.في جولة سريعة على شوارع المدينة، ترى العشرات من النساء أيضاً اللواتي يتعمّدن التسول مع رضيع أو عدة أطفال، مراهنات على صحتهم وتعرضهم للبرد أو الشمس لقاء حصول من تحمل أي طفل على ما تريده، سواء كانت أمه أو لم تكن؟ ولا شك أن قصة الطفل الذي غاب عن منزله لمدة يوم كامل في المدينة، والتي انتشرت على مواقع وصفحات التواصل الاجتماعي، تثير الكثير من التساؤلات والمخاوف، خاصة أن القصة تنتهي بحقيقة صادمة لم تكن متوقعة، فقد اكتشفت والدته أن هناك من سرقه ليعلّمه مهنة التسول، ويوظّفه لجمع الأموال من العامة، وهي امرأة تجمع الكثير من الأطفال في منزل مهجور، وتعلّمهم أصول التسول، ولم تلق الحالة متابعة من الجهات المعنية رغم خطورتها على أطفالنا.. الوضع في المدينة يجعلك تطرح مئات الأسئلة عن أوضاع هؤلاء المادية والمعيشية، وهل قست عليهم الحياة إلى درجة الاستهتار بصحة أبنائهم، وتركهم ليأكلوا ويشربوا من القمامة، أو بقايا المارين، أم هي مهنة استغلها البعض للحصول على الأموال دون تعب، مستغلين أطفالهم، ومصرّين على رميهم بطريق المجهول؟! وما هو واجبنا وواجب الجهات المعنية بالأمر للحؤول دون تفاقم هذه الظاهرة؟!.في البحث عن الأسباب النفسية والعوامل الاجتماعية يحدثنا الدكتور طلال مصطفى عن أهمية تربية الإنسان منذ الصغر على أهمية العمل وقيمته في حياة الناس والمجتمعات، مؤكداً دور الأسرة والمجتمع في زرع هذه القيم، وفي معرض حديثه ينوه د. مصطفى إلى الأوضاع المرافقة للأزمة السورية التي تتعرض لها بلادنا منذ خمس سنين، وقد هجّرت وغيّرت أوضاع الكثير من السكان، تاركين أموالهم وأرزاقهم خلفهم لينجوا بحياتهم، ما حوّلهم إلى عاطلين عن العمل وفقراء مشردين في العراء، وهنا لابد، حسب رأي د. مصطفى، أن يتم وضع خطط ممنهجة من قبل وزارات الدولة كافة، والجمعيات الأهلية للعمل على إعادة تأهيل هؤلاء نفسياً واجتماعياً، ثم تأمينهم بأعمال تتناسب مع قدراتهم ومؤهلاتهم العلمية أو المهنية، مراعين أعمارهم وأوضاعهم الصعبة، وفي معرض حديثه حثّ د. مصطفى الجميع على التوجه إلى العمل مهما كانت طبيعته، وعدم اللجوء إلى التسول من الرجال أو النساء أو الأطفال لما فيها من انحدار للقيم الاجتماعية، والتعرض لمسالك خطيرة نفسياً وأخلاقياً تنهار معها القيم الأصيلة في المجتمع السوري.ومنه نستطيع القول: إن العمل الموحد من كافة الجهات لمعالجة هذه الظاهرة هو الحل الأمثل، ابتداء من امتناع المواطنين عن مساعدة من لا يحتاج المساعدة فعلاً، والتبليغ عن تواجدهم لوزارة الشؤون، وهي أولى الخطوات التي تساعد في تقليص عددهم، وردهم إلى المسار الصحيح من خلال إبعادهم عن المجتمع، ضمن ملاجئ تقدم لهم خدمات الأكل والإقامة، وخلالها تتم معالجتهم ومتابعتهم نفسياً واجتماعياً، وتعليمهم مهناً أو حرفاً تقيهم شر الحاجة.
التاريخ - 2016-03-05 1:16 AM المشاهدات 898

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم