شبكة سورية الحدث


حتى الطوابع الرسمية تباع بضعفي سعرها ؟

الطوابع التي تصدر عن الجهات الرسمية ليست سلعة، ولكنها حاجة لازمة قانونياً لجميع المواطنين لدى متابعتهم قضاياهم في العديد من الإدارات الرسمية، إذ ينصّ القانون على ضرورة لصق نماذج متعدّدة من الطوابع على أغلب الأوراق الرسمية التي تتكون منها كل معاملة، أكانت في الدوائر العقارية أم القضائية أم المالية أم الإدارة المحلية، أم جهات رسمية أخرى، ولكل طابع قيمة مالية مثبتة عليه رقمياً، والجهات الرسمية العامة (البريد أو المالية….) توفِّر هذه الطوابع لشريحة العاملين –وخاصة المسجّلين رسمياً– الذين يمارسون الأعمال التي تلزمها هذه الطوابع، وتبيعها لهم بمبلغ يقل عن قيمتها الرسمية بنسبة معيّنة، ليبقى لهم عائد بمنزلة ربح، مقابل الزمن القصير الفاصل بين توقيت المبالغ التي يدفعونها كقيمة لهذه الطوابع، والزمن الذي يستردّون فيه قيمتها عقب بيعها بأيام قليلة، وما من غبن أن يكون هذا العائد أقل من العائد التجاري، لأن الطوابع لا تخضع لتغيُّر السعر بين وقت وآخر، ولا تعاني من الكساد أو التلف أو انتهاء الصلاحية، وحفظها وعرضها لا يحتاجان إلى مستلزمات ذات كلفة.لعقود عديدة مضت كان بائع الطوابع يبيع الطابع بقيمته المالية الفعلية المثبتة عليه، ولكن العقود الأخيرة شهدت تفاقم ظاهرة بيع الطوابع بأعلى من قيمتها الفعلية -لدى معظم بائعيها- وبزيادة تتراوح بين 15 – 35% من قيمتها، وفي بعض الدوائر الحكومية تباع الطوابع قيمتها 30 ليرة 100 ليرة والحجة أنهم لا يشترونها من الجهة الرسمية، بل يشترونها من بائع طوابع رسمي، بقيمتها المالية نفسها وربما أكثر، ما يدفعهم إلى أن يحلِّلوا بيعها بسعر أعلى، كما أن بعض الفاسدين في الإدارات الرسمية يطلبون طوابع من المواطن تزيد على الطوابع التي تحتاج إليها أوراق المعاملات، بدليل أنهم لا يلصقونها على الأوراق بحضور المواطن ولا يختمونها، بل يحتفظون بها في “دروجهم” ليحققوا بها كسباً غير مشروع، عندما يعيدون بيعها إلى بائع الطوابع خلال أسبوع على الأكثر، وكأننا أمام سوق سوداء من نوع آخر.من المؤكد أن بعضهم سيستهجن التطرُّق إلى هذه الظاهرة، التي قد يجني أحدهم –من صغار الكسبة- منها مئات الليرات يومياً، كسباً غير مشروع، قياساً إلى ظواهر أخرى يجني أحدهم فيها -من كبار الكسبة- كسباً أكبر من ذلك بكثير، ولكن -وإن يكن بعض الشر أهون من بعض- فمصلحة الوطن بأمس الحاجة إلى الإشارة إلى أية ظاهرة كسب غير مشروع صغُرت أم كبُرت، وقد يكون من الجائز التساؤل لماذا كانت طلبات الترشيح لمجلس الشعب معفاة من الطوابع، فهل تم ذلك تخوّفاً من أن يحتج بعض أعضاء المجلس على هذه التجارة السوداء الصغيرة، ويتلهّى بها عن الأكثر سواداً وسوءاً، أم أن أغلبهم سينصرفون عن كل ذلك محتجين –كمن سبقهم- بأنهم لا يجدون من يسمعهم، وينشغلون بمن يسمعهم لشؤونهم الذاتية، ويتناسون أنه يوجد من يرى ويراقب، أين تتركز الاهتمامات الخاصة الآنية لبعضهم، بعيداً عن الاهتمامات ذات الشأن العام.
التاريخ - 2016-04-17 9:55 PM المشاهدات 921

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم