سورية الحدث “الجائع لا يحرس الطعام.. اهتموا بالمواطن المهشّم اقتصادياً”، لعلّ هذه الجملة من أبرز ما تمّ طرحه عند البحث عن توصيات جديدة للحكومة القادمة، فبعد تخبّط واضح للحكومة السابقة بات المهم التعلم من الأخطاء، وتحديد الأولويات، والبحث عن الحل المنتظر لإعادة الاعمار، وكفى الشعب شعارات رنانة وتأرجح يوميّ في معيشته، وكفى الاقتصاد ضربات متتالية، اليوم نملك صفحة جديدة يجب التفكير قبل تشويهها بحبر فارغ.تحسين معيشة ورواتبتملك شائعة زيادة الرواتب أو حتى تطبيقها أثراً نفسياً أكثر منه مادياً أو اقتصادياً، وهي حركة تعوّدت الحكومة على طرحها عند كل اختناق كبير للوضع المعيشي. وفي هذا السياق يعتبر الدكتور زكوان قريط (كلية الاقتصاد) أن المواطن لا يريد زيادة رواتب، فالأهم لديه هو ضبط الأسعار وتأمين المواد، فكل زيادة تبتلعها السوق من دون جدوى، مشيراً إلى ضرورة أن تحدّد الحكومة الجديدة أولوياتها انطلاقاً من الواقع، وأن يكون المواطن ووضعه المعيشي الركيزة الأساسية لها، والاقتراح الأفضل -برأي قريط- هو تفعيل دور القطاع العام الذي وصفه بالقاطرة التي تجرّ عجلة الاقتصاد وتفعيل دور مؤسسات التدخل الإيجابي لتأمين المواد الأساسية للمواطن ومنع احتكار تجار السوق للمواد، حتى يكون القطاع العام هو المتحكم بخيوط السوق.حازم ورقابيوفي السياق نفسه تناول الدكتور محمد خير عكام من كلية الحقوق وعضو مجلس الشعب فكرة الأولويات أيضاً وتحسين الوضع المعيشي للمواطن، ولكنه رأى بفكرة زيادة الرواتب أمراً جيداً إذا ترافق مع دور رقابي حازم لضبط الأسعار. وأوضح عكام أن صمود الخط الثاني للمعركة المتمثّل بالمواطن والذي يشكّل حاضنة وحصناً للجيش العربي السوري يجب أن يعزّز بتأمين وضع اقتصادي ودخل مناسب، الأمر الذي يحتاج إلى إجراءات اقتصادية عاجلة ومحكمة، لعلّ أولها تخفيض سعر الصرف وليس تثبيته على السعر المرتفع، والتساؤل الذي يطرح -في رأيه- لماذا كان سعر الصرف أقل بكثير السنة الماضية؟!.والمحور الآخر الذي طرحه عكام هو إعادة عجلة الإنتاج ببناء المصانع والمعامل، والذي وافقه فيه قريط، مؤكدين أن دعم الاقتصاد الوطني لن يتحقق إلا بالصناعة لما تقدّمه من دعم للإنتاج المحلي وتشغيل اليد عاملة، وقد أضاف قريط الاهتمام بالزراعة التي تشكّل السمة الأساسية للاقتصاد السوري أما القطاعات الكمالية فيجب أن تتنحّى قليلاً كالسياحة والثقافة.الجوع والفسادومن المحاور والاقتراحات للحكومة الجديدة طرح عكام الوضع الأكبر وهو “الجوع” المولّد للفساد، فصحيح أن المواطن لم يصل إلى مرحلة سوء التغذية كما في بلدان عربية منكوبة، إلا أن وضعه المعيشي المتدني لا يساعده على الاحتفاظ بنزاهته، ومن هنا تكمن أكبر تحدّيات الحكومة الجديدة في محاربة الفساد وإعادة هيكلة الإدارات والمؤسسات والانطلاق من هذه الهيكلة باتجاه موازٍ، وهو تنظيم الخلل الذي أصاب مؤسسات الدولة من تسرب وفقدان واستشهاد للعاملين لتنطلق بشكل أفضل.حقائب وزارية“دمج حقائب وزارية وإنشاء وزارات جديدة”، هذا كان طرح قريط لتنظيم الحكومة الجديدة، حيث اعتبر أن كلاً من الثقافة والسياحة حقائب كمالية يجب أن تدمج في الوقت الحالي ويتم تفعيل الدور الإغاثي لوزارة الشؤون الاجتماعية التي نُحّيت عنه بسبب فساد كبير تمّت لملمته في الظل. وإنشاء وزارات باتت ولادتها نتيجة للحرب وظروفها كوزارة المهجّرين -كما سمّاها قريط- ووزارة إعادة الإعمار ووزارة للشباب علّهم يجدون من يسمع متطلباتهم.شعارات فارغةالمقترح الأبرز كان الذي طرحه قريط بالطلب من الحكومة الجديدة التوقف عن طرح شعارات لا تستحق حبرها، ولا تتعدّى في أغلب أحيانها وظيفتها الإعلامية، كالدعم الذكي وغيره. والأفضل أن ننظر إلى الواقع، فبرأيه “عندما يأتي الصبي نختار له اسماً”، أما من الجهة القانونية للاقتراحات فقد تساءل عكام عن مصير قانون العاملين الأساسي الذي هُمّش في الحكومة الماضية، طالباً من الحكومة المنتظرة تفعيله لما يحمل من تحسينات معيشية للمواطن.التعلّم من الأخطاءسمة الجدة المفترض أن تتمتّع بها الحكومة القادمة تتطلب التعلم من أخطاء سابقتها، وتحتّم البحث عن ترتيب لأولويات تنظر إلى المواطن في حاله المتردّي وتحاول إنعاش قطاعات حيوية يجب أن تستفيق من غيبوبتها. نيرمين فرح
التاريخ - 2016-06-16 10:06 PM المشاهدات 779
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا