سورية الحدث إذا كانت “الكليشيه” تقول إن أي دور رئيسي يجعل من الممثل بطلاً، فإن “الكليشيه” التي تنبّه بأن “الأداء” الذي يضيف تفاصيل الشخصية هو الذي يصنع بطولة؛ تبدو الأصحّ!.رغبة يزن السيد ودانا جبر في مسلسل “سنة أولى زواج” بأن يكونا “مهضومين” لا يمكن لها أن تتوزاى مع رغبة “قصي” و”رولا” بأن يكونا “مقبولين”.الفرق، بين الدور والشخصية التي تؤديه وصفاتها، هو حسّ كامن غريزي لا يتقنه أي كان.إذ كيف يمكن لصحفي أراد منه صنّاع العمل أن يكون “أستاذاً”، أن يقتنع بمواصفات زوجة من نمط رولا!. نحن أمام مسلسل “تأليف نعيم الحمصي وإخراج يمان إبراهيم” وقع في مغالطة بمنطق شخصية الصحفي بحدّ ذاتها!. ما نشاهده في العمل، مفارقات تعتبر إهانة لشخصية الصحفي وإظهاره بمظهر الساذج والغبي تحت حجج امتصاص غيرة الزوجة والشكّ وما شابه. فلم يكن الدور في البطولة سوى ديكور ومانشيت عريض وصل في بعض المشاهد والحوارات إلى إهانة الصحافة. مثلاً في الحلقة الخامسة عشرة من العمل يطلب صاحب أحد شركات الإنتاج من قصي الصحفي الذي يكتب سيناريو مسلسل تلفزيوني أن يعدّل على النصّ، نسمع حوار على شاكلة “يا ريت تكتّر تنانير قصيرة والناس يلتهو بالنسوان الحلوات يعني مشان التسويق.. بدنا تكتبلنا كل ممثلة شو لابسة بالتفصيل.. هي لابسة فستان أصفر أحمر.. مايوه.. بدي المسلسل متل المسلسلات التركية والمكسيكية كلها قصص حب وخيانة.. إنت ما بدك تنشهر.. بدي تحطلي البطل بالتمثيلية معو عجز جنسي..).لا نقول إن هذا ليس واقعاً، بل يحدث وبكثرة؛ لكن هل يحدث هذا فعلاً من صحفي “أستاذ”؟. وإن حدث هل يجب أن تظهر في الدراما خصوصاً أن صناع العمل أرادوا من قصي أن يكون نموذجاً مثالاً و”أستاذاً”.أم إن صنّاع العمل فعلاً هكذا ينظرون إلى الشاب الصحفي واقعياً!.يكاد يخلو نص “سنة أولى زواج” من أي ارتجاع منطقي على مستوى الحوار بين قصي ورولا، رغم محاولة خلق ارتجاعات واقعية على مستوى الصورة، تبعاً لطبيعة الشخصية التي تؤديها دانا جبر من ناحية الأزياء والمكياج وطريقة الحركة والكلام، والشكل الذي يظهر فيه يزن السيد؛ لكن رغم ذلك لم يتمكن من الوصول إلى مستوى وظيفي مرغوب ومقبول يحترم مهنة الصحافة.في معظم الحلقات ورولا الزوجة تعيش حالة غضب لم يقدم النص تبريراتها. يداهم المشاهد طوال اللقطات إحساس بالمفاجئة غير المبررة أيضاً. حقاً نسأل ما الذي أراده صناع “سنة أولى زواج” من جعل بطل العمل صحفياً؟ ففي محاولة إلى “تزويق” حالة الصحفي في اتجاه إيجابي، وقع صناع العمل في فخّ “الاستهتار” في التعامل مع مهمّة الصحفي ودوره المهني عندما قرروا الاعتماد على مفارقات كوميدية “ولّادية” تقع بين الزوجين. والنتيجة تأطير الصحفي في دور “الزوج” سبّب سلبيّة مسيئة للعمل بالكامل، فما بدا واضحاً أنه من الممكن لهذا الدور “الزوج” أن يكون أي شخصية أخرى غير الصحفي؛ ولن يتغير شيء في العمل.إذا لماذا وقع الاختيار أن يكون “صحفياً” طالما أن الدور لم يتمكن من حمل أي خصوصية صحفية سوى كرسي المكتب وحقيبة اللابتوب وديكور المكتب بصور لشخصيات فنية وأدبية سوريّة.إضافة إلى أن الغيرة والشك وعدم الثقة دائمة في حلقات العمل من دون أي ردة فعل من قصي سوى قبول الموضوع بحجة الحب! الجمال! الدلع! الأنوثة!.. لمَ لم يتمّ تناول الصحفي بطريقة عمليّة دقيقة علمية قائمة على معطيات موضوعية منطقية. لا يمنع حتى لو كان العمل اجتماعياً بقالب كوميدي. بدلاً من أن نضع المُشاهِد أمام مسلسل تلفزيوني بثلاثين حلقة لم يتمكّن صنّاعه من معرفة متى يجب أن تكون اللياقة الدرامية في خدمة الدور الصحفي والعكس أيضاً.في “سنة أولى زواج” ليس الموقف من الموضوع أو سمة العمل، بل كلاهما. ولم يكن مهماً ما نشأ عند المُشاهِد نتيجة أحد المواقف، وإنما المواقف نفسها. فقْر في متن “الدور” وخضوع تام للشكل؛ فعندما فكّر “الدور” الصحفي في التعبير عن نفسه، أتى تعبيره مشوّهاً ضمن مواقف مضحكة وسطحية.هنا من الممكن طبعا أن تكون نظرة حياتية تحدث لكنها مبتذلة في التعامل مع صحفي! موضوع العمل بسيط للغاية، يتحدث عن صحفي ليس له أي همّ أو مشكلات في عمله، يظهر ناجحاً من دون أن يقدم العمل خلفيات ومعطيات هذا النجاح. تقتصر مشكلاته على غيرة زوجته. أساساً حتى طريقة تعامله مع هذه المشكلات في المنزل تبدو ساذجة بالنسبة للشخصية الصحفية.عمل درامي يقوم على بطولة رئيسية لدور صحفي، فمن الممكن فيما لو كتِب نصّه بشكل جادّ وحقيقي أن يصنع منه ما يشاء. لكن نحن لم نعرف حتى الحلقة الأخيرة ما الذي يريده صحفي من عمله ولا من حياته الخاصة سوى أن يكون بجانبه زوجة جميلة لاتعرف ما الذي تريده هي أيضاً. تغار عليه لا أكثر!.عموماً يبدو تناول موضوع الصحافة في الدراما السورية ممارسة غير جادّة. هامشية في كثير من الأحيان.أما الحقيقة فإن أقل واجب ممكن أن تقوم به الدراما تجاه الصحافة هو أنها عندما تريد تظهير الدور الصحفي أن يحظى بأهمية مضاعفة. أن توصّف بالتفصيل وتظهِر قوة الصحفي. أن تعكس نموذجياً آراء وأصوات الصحفيين. بوجه خاص إذا افترضنا أن صورة الصحفي السوري التي تُقدَّم للجمهور يجب أن تنشأ من أفضليات معرفية تتعلق بالناشر والمحرر والمراسل والصحفي، هؤلاء غير المقيدين بصورة الزوجة الحلوة “الدلوعة” غير الحاملة لأي مستوى معرفي موضوعي يجعل من العلاقة بين الزوجين علاقة متوازنة صحيّة في أقلها. بعيداً عن التركيز على الشكل، المظهر، أو مجرد طريقة حياة مرسومة ذهنياً عن الصحفي. حتماً إن دراما موضوعية عن الصحافة سوف تفسدها عقدة “التسلية”. وقتها فقط يتعرّف الجمهور إلى الصحفي ويثق به!.احتل الصحفيون في مسلسل “ليس سراباً” مساحة كبيرة، إذ يسعى “جورج، سلوم حداد” ومحررو المجلة إلى فتح ملفات اجتماعية وأخرى تتعلق بقضايا فساد، ما يعرض المجلة للاقتحام والتخريب والتضييق من فاسدين كبار، ويبقى الصحفيون على تماسكهم وقوتهم.” الأيام ”
التاريخ - 2017-07-27 10:59 AM المشاهدات 982
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا