ستحتاج لعدد كبير من الموافقات من هناك وهناك حتى تتمكن من الدخول إلى مراكز الإيواء الخاصة بالمهجّرين، وعادة ما يكون دخول الإعلام إلى تلك النقاط مبرمجا ومرافِقا للزيارات التفقدية للمسؤولين، حيث تكون الزيارة مرتبّة ومنظمة. وتبقى أسرار تلك النقاط بعيدة عن عيون الإعلام.شهدت محافظة دمشق تراجعاً في أعداد مراكز الإيواء التي تم افتتاحها لاستقبال السوريين الوافدين من معظم المحافظات، فقد أغلقت المحافظة ثلاثة منها، حيث كانت تستضيف مراكز دمشق في العام 2014 أكثر من 5800 مهجّر. واليوم تعيد توزيع مهجريها على مراكزها بعد إغلاق مركز «دمّر» ومركزين في مدينة المزة. وأوضح منسق لجنة الإغاثة في دمشق إسماعيل خلوف أن سبب الإغلاق هو تراجع عدد ساكني هذه المراكز بعد عودة جزء كبير منهم إلى مناطقهم الأصلية.عائلة أم مجد من العائلات التي رفضت قرار الإخلاء الذي أصدرته محافظة دمشق في نهاية العام 2017، وتقول: تعودنا على مركز المزة وبتنا نعرف المحيط جيداً ومدارس الأولاد قريبة علينا، كما أن زوجي وجد عملاً له في مكان قريب. وتتابع: لماذا ننتقل إلى مركز آخر، وخاصة أن المركز الجديد يقع في منطقة «الدوير» ونحن لم نتمكن من العودة إلى منزلنا الذي دُمر بالكامل في منطقة الحسينية. هناك من عاد إلى منزله لكننا لم نتمكن من العودة ولا ذنب لنا في هذا الأمر.وتتابع أم مجد: لي قريبة تقيم في مركز «الدوير»، هم يعيشون واقعاً سيئاً من حيث عدد العائلات الكبير وأيضاً المياه التي تشكل أزمة في المركز. وتقول أم مجد: بسبب عمل زوجي تمكنّا من استئجار منزل، لكن لو لم يكن لدي مال فكنت سأضطر للخروج إلى أي مكان يريدونه.مركز جديد ومعاناة جديدةمريم (18 سنة) من سكان مركز «الدوير»، تقول لـ «لأيام»: نحن نعيش في واقع صعب، فأبسط الأمور هنا تحتاج الى أخذ دور. وتتابع: مثلاً لا يمكننا الاستحمام في اليوم الذي نريده حيث يجب علينا أن ننتظر دورنا في الحمام كي نستحم أنا وأخوتي. وعند الذهاب الى الحمام أذهب مع شقيقاتي ووالدتي كي ننتظر بعضنا عند باب الحمام، نحن لا نشعر بالأمان هنا حيث يمكن للصبيان والمراهقين القفز على الشباك ومشاهدتنا ونحن نستحم، كما أن حمامات الرجال ملاصقة لحماماتنا. وتتابع مريم: لا نملك مالاً كي نستأجر منزلاً، ولا نملك مكاناً أخر نذهب إليه، بعد أن عشنا في مركز المزة لمدة أربع سنوات، وقد كان أفضل من هذا المركز، فهنا حتى إذا أردنا الخروج للعلاج خارج المركز نحتاج لموافقة إدارة المركز. وتتابع «نحن لسنا قاصرين حتى يكونوا أوصياء علينا».شهدت نور، متطوعة سابقة في الهلال الأحمر، عملية إخلاء أكثر من مركز، تقول: كان الناس غير راضين عن قرار الإخلاء، إذ رفض عدد كبير منهم القرار، لأنهم استقروا في المراكز ولا يريدون الخروج منها إلا إلى منازلهم، وأغلبيتهم لا يملك دخلا مالياً يمكّنه من استئجار منزل مستقلّ. وتتابع: لم تتم تهيئة المراكز الجديدة، التي تم نقل العائلات التي كانت تقطن في مراكز دمشق «المزة ودمر» كي تستوعب القادمين الجدد، فمركز «الدوير» هو في الأساس معسكر للطلائع، كان يعاني سكانه من نقص المياه والكهرباء، كما كان يشهد اكتظاظاً شديدا، وبعد نقل العائلات الجديدة إليه بات الوضع أسوأ مما كان عليه.وتضيف نور: وصلتنا شكاوى من الفتيات حول الخوف من الذهاب للاستحمام، كون حمامات الذكور ملاصقة لحمامات الإناث، كما أن هناك عائلات عادت لتشترك الغرفة مع عائلات ثانية، وهذا أمر يؤدي إلى وقوع مشاكل بين العائلات. ولكن كما تؤكد نور أن الوضع في مركز منطقة حرجلة يبقى أفضل بقليل، حيث تم إعداده على شكل وحدات سكنية صغيرة يتواجد داخلها المطبخ والحمام مما يعطي شيئاً من الخصوصية، ولكن عددا قليلا من العائلات كانت محظوظة لتنتقل إلى مركز حرجلة.حمص: انخفاض عدد المراكز إلى 10 وما خفي أعظم!شهدت حمص، كباقي المحافظات السورية، حركة نزوح كبيرة وعملت محافظة حمص على تجهيز مجموعة من مراكز الإيواء، التي تم إنشاؤها منذ بداية الأحداث في حمص إلى غاية العام 2016، حيث بلغ عددها 16 مركزاً، بالإضافة لمركز الإيواء الخاصة بمهجّري كفريا والفوعة في ريف إدلب. وضمّت مراكز الإيواء في حمص المدينة نحو 50 عائلة أو أكثر في كل مركز، ونحو 1500 مدني في مركز حسياء بريف حمص، وتفاوتت أعداد العائلات في تلك المراكز، حيث كانت أعداد الوافدين تزداد بحسب حركة نزوح المدنيين من مناطق المعارك، ولاسيما في الفترة الممتدة بين منتصف العام 2015، ونهاية العام 2016، عندما سيطر تنظيم «داعش» على مناطق واسعة من ريفي حمص الشرقي والجنوبي الشرقي، مما تسبّب بحركة نزوح واسعة للسكان من مدنهم باتجاه مركز المدينة.ولا تمتلك مديرية الشؤون الاجتماعية في حمص عدداً ثابتاً للقاطنين في مراكز الإيواء حالياً، بسبب تبدّل الأوضاع الأمنية في حمص، وخلو المدينة من المسلحين، مع انتهاء تطبيق اتفاق حي الوعر الخاص بخروج المسلحين مع منتصف العام 2017، وبالتالي شهدت تلك المراكز تراجعاً في أعداد قاطنيها؛ بعد عودة المدنيين إلى منازلهم من جهة واستقرار الحالة الأمنية من جهة أخرى، أما الذين بقوا داخل المراكز فهم ممن تضررت منازلهم بشكل كامل في حمص المدينة، أو بعض العائلات التي نزحت من مناطق الريف الشرقي، الذي ما يزال يشهد أعمالاً عسكرية في بعض مناطقه.وبعد تراجع أعداد المدنيين القاطنين في مراكز الإيواء في العام 2017، تمّ تجميع العائلات في مراكز محدّدة، وإعادة المراكز التي استقبلتهم سابقاً إلى حالتها الطبيعية، وبالتالي تراجع عدد مراكز الإيواء ليصل إلى 10 مراكز في حمص المدينة، بالإضافة لمركز الإيواء في المدينة الصناعية بحسياء.وفيما يتعلق بإدارة مراكز الإيواء حالياً، قال مدير الشؤون الاجتماعية في حمص وسيم الصغير لـ «لأيام»: إن جميع المراكز حالياً تُدار بشكل جيد، ولم يُسجَّل أي حالة مخالفة للقوانين طيلة السنوات الماضية، ولم يتم تغيير أي مدير مركز إيواء لأسباب تتعلق بمخالفات، أو حالات فساد، بل على العكس كانت الإدارات متجاوبة، وعملت على تأمين كافة الاحتياجات الخاصة بالقاطنين، ولم تسجّل أي إشكالات جسيمة داخل المراكز بشكل رسمي.. وأضاف: إلى جانب مديرية الشؤون الاجتماعية يشرف على مراكز الإيواء منظمة الهلال الأحمر العربي السوري، وعدد من الجمعيات الخيرية التي تقوم بتقديم كافة الخدمات الإنسانية داخل المراكز، بينما تشرف المنظمة الفرنسية الإسلامية على عمليات تأهيل وترميم مراكز الإيواء.بدورها أكّدت عدد من العائلات في بعض مراكز الإيواء بحمص أن المشاكل، التي حصلت في مراكزهم كانت بسبب خلافات شخصية بين القاطنين، يتعلق منها باستخدام الحمامات أو بحالات تحرش بين الشبان والفتيات، أو احتكاكات بين القاطنين لا أكثر.فيما تؤكد مصادر غير رسمية أن المشاكل داخل مراكز الإيواء كانت موجودة فعلاً، فحالات الحمل غير المشروع، وسفاح قربى، والعنف الجنسي أو الجسدي ضد المرأة حصلت داخل عدد من المراكز. إلا أنه لم يتم التعامل معها بشكل رسمي بل تم التغاضي عنها، نظراً لحساسيتها من جهة وعدم تقبل المجتمع لها من جهة أخرى، ففضلت إدارات المراكز ألا توثقها بشكل رسمي.خروج جماعي من مراكز السويداء الحكومية.. بفعل التضييق!يعاني الأهالي الوافدين إلى محافظة السويداء من تردّي الأوضاع الخدمية والمعيشية في معظم مراكز الإيواء داخل المحافظة، رغم التناقص الكبير في أعداد الوافدين خلال عام 2017، فقد شهد المركز الحكومي الوحيد لإيواء الوافدين في السويداء تراجعاً بأعداد قاطنيه من 9000 شخص إلى 1060، بعد سيطرة الجيش السوري على عدة مدن وأرياف في شمال شرقي البلادحيث وصلت أعداد الوافدين للمحافظة، إلى أكثر من 186000 شخص، كانوا من مختلف المحافظات السورية التي تصاعدت حدة النزاع فيها، في حين تنتشر على أطراف محافظة السويداء عدة مخيمات لإيواء الوافدين غير تابعة للحكومة، باستثناء معسكر الطلائع في قرية «رساس» جنوب السويداء التابع إدارياً لمديرية الشؤون الاجتماعية. وما جعل من المعسكر سجناً كبيراً لقاطنيه هو صعوبة معاملات الدخول والخروج من المعسكر، وممارسات التضييق المتّبعة، وهو ما دعا عدداً كبيراً من الوافدين للخروج إلى مراكز غير حكومية، وإن قست ظروف العيش فيها كحال مخيم «عرى» جنوب غربي السويداء حيث يعيش أهالي المخيم أوضاعاً معيشية وخدمية صعبة، وخاصة في فصل الشتاء بسبب وعورة أرض المخيم وفقدان الطرق المعبدة، بالإضافة لبعد المدارس عن الأطفال، وسوء خدمات الماء والكهرباء الواصلة إلى المخيم، فضلاً عن شُحّ المساعدات المقدّمة من المنظمات والجمعيات الدولية والمحلية.في اللاذقية… مهجّرون يغرّدون خارج إحصائيات الهلال الأحمراللاذقية كغيرها من المحافظات الآمنة، كانت وجهة من هربوا من القتل والدمار، وليس في حوزتهم سوى بطاقاتهم الشخصية والثياب التي عليهم. وعن مقومات الحياة البديلة التي عملت محافظة اللاذقية على توفيرها للمهجرين، توضح المهندسة هالة أحمد، رئيسة مكتب متابعة اللجنة الفرعية للإغاثة، لـصحيفة «الأيام» أنه تمّ افتتاح خمسة مراكز لإيواء المهجرين، مشيرة إلى وجود فوارق بأعداد المهجرين وفقاً لدراسات المنظمات الدولية والبرامج الإغاثية مقارنة بالأعداد الحقيقية، حيث أن مراكز الإيواء استقبلت 1% فقط من عدد الوافدين. وأكدت أحمد أنه منذ بداية الحرب وحتى نهاية 2017، استقبلت المحافظة حوالي 650 ألف مهجر، وُزِّعوا على خمسة مراكز إيواء، وكانت الذروة عام 2013 حيث بلغ عدد المهجرين المقيمين في المدينة الرياضية لوحدها 7500 شخصاً. وفي نهاية 2016 تم إغلاق ثلاثة مراكز بينها «مركز المدينة الرياضية»، بسبب عودة مئات الأسر المهجرة إلى حلب بعد تحريرها.وأوضحت أحمد أنهم يعتمدون في أرقامهم على إحصائيات الهلال الأحمر كمؤشر لأعداد المهجرين، فآخر إحصائية لعام 2017 أكدت وجود 95 أسرة مهجّرة تقيم في مركزين للإيواء، ناهيك عن الأعداد الكبيرة للمهجرين المنتشرين في مناطق وقرى اللاذقية، مؤكدة استمرار النزوح حتى تاريخه. فمنذ بداية العام الجاري تم تسجيل نزوح 190 أسرة من المناطق الشرقية، ليبلغ عدد المهجرين الموجودين حاليا في المحافظة 290 ألف مهجر بحسب بيانات الهلال الأحمر، وبلغ إجمالي عدد الأسر المسجلة بفرع الهلال الأحمر منذ بداية التسجيل الإلكتروني الذي انطلق بتاريخ 1/5/2013، وحتى تاريخ 31/12/2017، نحو «67122» أسرة متضررة وافدة، وكان العدد الأكبر للعائلات المسجّلة عام 2014، حيث بلغ «25657» أسرة.
التاريخ - 2018-02-26 11:55 PM المشاهدات 3650
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا