سورية الحدث نذكر أن بعض أعضاء مجلس الشعب خلال الدور التشريعي السابق طالبوا بضرورة تحديد مدة زمنية معينة لتولي المناصب الإدارية في الدولة منعاً للفساد، وذلك أثناء سماعهم أجوبة وزير التنمية الإدارية حول أداء الوزارة وجهودها للنهوض بواقع الإدارة العامة..!.ويبدو أن هذا المطالبة كانت مجرد طرح طوباوي ليس إلا إذ أنه لم يتمخض عنها أي أثر يذكر على واقع المناصب الإدارية العليا، علماً أن هذا الطرح لم يأت من فراغ، وإنما جاء من صلب واقع حكومي معاش، يحتم بالضرورة إعادة النظر ليس بمدة تولي المناصب وحسب، بل بآليات ومعايير اختيار ولاتها، لاسيما وأنها –أي المناصب- باتت تعرف بـ(البقرة الحلوب) وفقاً للعرف السائد شعبياً الدال على مصدر المال المشبوه…!.فعلى سبيل المثال أحد المدراء في هيئة حكومية لم نتمكن من تحديد التاريخ الدقيق لتعيينه في منصبه وذلك لإدراجه ضمن قائمة المدراء العامين المعمرين في مناصبهم، وقد رجحت بعض مصادر الهيئة أن تاريخ تقلده زمام هذا المنصب يعود إلى بداية تسعينيات القرن الماضي، أي أن فترة توليه المنصب تجاوزت الربع قرن..!.ويبرز في هذا المقام أيضاً بعض الأسماء دون الخوض بذكرها والتي استمرت بتولي عدة إدارات دونما انقطاع مثل مدير عام لمؤسسة بقي في منصبه خلال الفترة 2009 – 2013 وعفي من منصبه على خلفية مشاجرة حصلت بينه وبين أحد مفاصله حسبما تسرب آنذاك، ليتولى مباشرة منصب مدير عام للمؤسسة أخرى بين 2013 – 2014، ولينقل بعدها إلى مؤسسة العامة للتبغ ويعين بصفة معاون لمديرها العام، ومن ثم مديراً عاماً للمؤسسة أخرى عام 2015 حتى العام 2017 أي أنه أمضى معظم حياته الوظيفية مديراً عاماً، وكذلك الأمر بالنسبة لمدير عام مؤسسة عامة استهلاكية آخر أمضى خمس سنوات في الاستهلاكية. ونشير في هذا السياق إلى أن هذا المدير حل محل مدير سابق للمؤسسة امتدت فترة ولايته لنحو 15 عاماً وربما يزيد.عناوين كثيرة ربما تندرج تحت موضوع طول فترة البقاء في المنصب، ليس أولها المحسوبيات ودورها برفد المفاصل الحكومية بكوادر غير كفوءة، وليس آخرها الحصول على امتيازات من تحت الطاولة لمسؤولين آثروا المصلحة الشخصية على العامة، فلو سلمنا جدلاً أن خبرة صاحب المنصب المُعمِّرْ هي بالفعل نادرة الوجود وتستدعي التمسك به حتى يدير دفة القيادة ليصل بمؤسسته بر الأمان، ألن يصل هذا المدير (النادر الوجود) يوماً ما إلى درجة كبيرة من الروتين العملي تدفعه –على أقل تقدير- لطلب نقله لمكان آخر يجدد فيه حيويته العملية، وينهل معرفة وخبرة جديدتين ويتعرف على موظفين جدد يضافوا إلى قائمة علاقته المهنية والاجتماعية؟ أم أن التمسك بالكرسي يقوقع الشخص على ذاته ويجعله يخشى من المجهول واقتحام أجواء أخرى يتكيف معها؟ خاصة وأننا نعيش عصراً متسارعاً بتطوراته اللحظية ومن لا يواكبها -ولو نسبياً- يجد نفسه في واقع غريباً عنه، يصعب عليه مجاراته.صاحبة الجلالة
التاريخ - 2018-05-28 11:31 PM المشاهدات 1999
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا