شبكة سورية الحدث


الثّورة السّورية الكبرى بقيادة المجاهد سلطان باشا الأطرش...دوافع وأسباب

الثّورة السّورية الكبرى بقيادة المجاهد سلطان باشا الأطرش...دوافع وأسباب


سورية الحدث الإخبارية-السويداء-معين حمد العماطوري  
لعل الحديث عن الثورة السورية الكبرى عام 1925 تحمل بين طياتها العديد من القضايا الفكرية والاجتماعية والثقافية والسياسية والثورية الوطنية، وهي لم تكن ثورة عادية بأبعادها واستراتيجيتها الوطنية، بل ربما تجاوزت ضمن منظورها الوجداني الحدود الجغرافية لبلد قامت فيه، إذ لم يمكن أن يتناسى السوريون أنها ثورتهم، وأنها باتت الجزء الأهم في تكوين شخصيتهم الثورية، وشكلت عوامل جذب في تمكين العلاقة والروابط الاجتماعية بين الفئات المجتمعية لتتجسد ثقافة العروة الوثقى بين أفرادها، وتشكل فيما بعد ثقافة جمعية وطنية قائمة على وحدة المصير والهدف، ولهذا ما أن تسأل أي فرد من أفراد الثورة أو ثائر من ثوارها حتى يشرح لك الدوافع الوطنية والاجتماعية والتخلص من الاستبداد والاضطهاد الفرنسي، ولهذا حين قامت الثورة بالساحل بقيادة الشيخ صالح العلي، كان إبراهيم هنانو في الشمال يعد العدة لخوض حرب ضروب مع الفرنسيين ويساند أخوته في الساحل، ومثلها في الجنوب بقيادة سلطان باشا الأطرش، كانت دمشق تستعد بمعارك الغوطة للالتقاء مع ثوار الجبل في خندق واحد، ولعل المتتبع لأحداثها وتفاصيل مجرياتها ووثائقها يلمس ذلك الود والاحترام والاعتراف بين الثوار في كيفية خوض تلك المعارك بشرف الوطن ومهنية القتال والأسلوب العسكري الدقيق حتى باتت مجريات معركتي الكفر والمزرعة من المعارك التي تدرس في الأكاديميات العسكرية العالمية، وشكلت لجان بحثية علمية في العلوم العسكرية لدراسة طبيعة الانتصار الذي حققه الثوار بعدتهم المتواضعة على جيش جرار خاض الحرب العالمية الثانية...
الرؤية والهدف:
لعل الإيمان بالوطن وعوامل الانتماء الصادقة، تجعل من ثقافة المقاومة رؤية متجددة بهدف منشود مشترك في المناطق المتنوعة، وكأن وحدة التنوع وإدارة فن التنوع في تحقيق النصر، جعل الثوار بفطرتهم وإيمانهم الوطني الانتمائي يعملون على تشكيل وحدات ثورية وخطط إبداعية عسكرية، حتى تناقل المجتمع الرؤية في التوصل للغاية، وبالتالي استطاع الثوار أن ينشروا ثقافتهم الوطنية لتشمل ثورتهم المناطق الجغرافية السورية والإقليمية ومنها لبنان التي كانت تخوض تجربة مشتركة مع الثوار...
في الحقيقة هنا يأتي عامل التوثيق ومدى مصداقية التوثيق التدويني للأحداث التاريخية، والحيادية المطلقة والرؤية الوطنية الصادقة القائمة على الانتماء الوجداني غير متحيز لجهة على حساب أخرى أو التزوير التاريخي وربط ذلك التزوير بخدمة مصالح استراتيجية سياسية أو اجتماعية، ولعل التصدي لهكذا مشروع وطني يحتاج إلى إمكانيات علمية كبيرة، وبالتالي القارئ بدقة لكتاب /ذاكرة الثورة 1920 -1939 المجاهد متعب الجباعي/ لمؤلفه الباحث المهندس سميح متعب الجباعي يشعر بأهمية ثقافة الحياد والموضوعية، ومنهجية العمل بسياقه التاريخي، وليس برؤية منفردة فئوية ضيقة، ولعمري تحسب للكاتب سميح متعب الجباعي هذه المنهجية في ظل ما تتعرض له الثقافة العربية عامة والسورية خاصة القرصنة والتزوير والتحريف في المفهوم والدلالة، والبعد الإنساني والثقافي والتاريخي، والرؤية الضيقة، إنما استطاع الكاتب سميح الجباعي أن يتجاوز نزعته انتمائه، وأن يحدد مساراً لذاته بمنهجية حيادية، ويتخذ من دوافع وأسباب الثورة التي سوف يتم إلقاء الضوء على العديد منها ضمن السياق التدوين التاريخي لمنجزه الثقافي والمتضمن الوثائق الهامة وبالتالي على القارئ الحصيف الباحث عن الحقائق العودة إلى الكتاب لمعرفة وقراءة الوثائق الهامة وربطها بالأحداث التاريخية بشكل منهجي للتأكد من صحة الحيادية والرؤية العلمية الهامة...
اطلالة على الأسباب:   
  يصر الكاتب سميح متعب الجباعي في كتابه /ذاكرة الثورة 1920 -1939 المجاهد متعب الجباعي/ بأجزائه وفصوله وأبوابه على تحديد اباب الثورة بعد عمل على المقاربة والمقارنة بين البيانات والمعلومات وربط فيما بينهم بخيط سري يجمع تلك الأحداث بموقف عقلي علمي منهجين يُجمع فيه صحة المعلومة فهو يذكر في الجزء الأول وبفصله الرابع أسباب الثورة السورية الكبرى وهنا سنعمل على تدوين اطلالة سريعة وتباعاً سيتم نشر تلك الأسباب وفق ما تتطلبه الوقائع التاريخية المدونة في الكتاب بالشكل الأخلاقي الذي أراده الكاتب...فهو يذكر كيف بدأت الثورة وما تميزت به من شمولية في المناطق حينما يذكر بالقول:  
"تميّزت بأنّها شملت معظم مناطق الوطن في كلّ من سوريّا ولبنان، وأوقعت خسائر فادحة بالفرنسيّين، واستمرّت حوالي ثلاثةَ أعوامٍ، وأجبرت فرنسا على تلبية المطالب الوطنيّة.
ومن أسبابها: رفض الشّعب للاحتلال الأجنبيّ، وتجزئة البلاد، ورفض سياسة القمع واعتقال الوطنيّين الأحرار.
شرارة الثّورة الأولى: إلى السّلاح إلى السّلاح":
يا أحفاد العرب الأمجاد، هذا يوم ينفعُ المجاهدين جهادهم، والعاملين في سبيل الحريّة والاستقلال عملهم، هذا يوم انتباهِ الأمم والشّعوب، فلننهضْ من رُقادنا، ونبدّد ظلام التحكّم الأجنبيّ عن سماء بلادنا. لقد مضى علينا عشرات السّنين، ونحن نجاهد في سبيل الحريّة والاستقلال، فلنستأنف جهادنا المنزوع بالسّيف بعدما سكت القلم، ولا يضيع حقٌّ وراءه مطالب.
أيّها السّوريون، لقد أثبتت التّجارب أنّ الحقّ يؤخذ ولا يُعطى.
فلنأخذ حقّنا بحدِّ السّيف، ولنطلبِ الموتَ توهب لنا الحياة.
إلى السّلاح أيّها الوطنيّون إلى السّلاح؛ تحقيقاً لأماني البلاد المقدّسة.
إلى السّلاح تأييداً لسيادة الشّعب وحريّة الأمّة. 
إلى السّلاح 
عاهدوكم، ولم يُحافظوا على شرف الوعود الرسميّة وتناسي الأماني القوميّة.
أيّها الوطنيّون، لنغسلْ إهانة الأمّة بدم النّجدة والبطولة، إنَّ حربنا اليوم هي حرب مقدّسة، ومطالبنا هي وحدة البلاد السّورية؛ ساحلها وداخلها، والاعتراف بدولة سوريّة عربيّة واحدة مستقلّة استقلالاً تامّاً".. 
بهذه الكلمات بدأ سلطان الأطرش صيحته البطوليّة معلناً جهاد الحقّ والبطولة، الذي ما إن بدأ في جبل العرب حتّى امتدّ إلى جميع أنحاء القطر السّوريّ ولبنان" (انتهى الاقتباس من الكاتب المهندس سميح متعب الجباعي).
لاحظنا كيف بدأ فيما تميزت به الثورة من توسع لتشكل الجغرافية السورية، وبيان القائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش مع بداية الثورة إلى السلاح، وأن المطالب هي وحدة البلاد السورية، ساحلها وداخلها، والاعتراف بدولة سوريّة عربيّة واحدة مستقلّة استقلالاً تامّاً"، هذا يفضي بالقول التأثير الوجداني لأحداث الثورة على نفسية الكاتب وفرضية استخدام الموضوعية في نقل وقائعها بصدق وأمانة وهذا ما نتمناه من جميع الباحثين والمؤرخين والكتاب في توخي الدقة والموضوعية والأمانة بالنقل....وللحديث بقية في أسباب ومسببات الثورة السورية الكبرى...

التاريخ - 2021-10-14 2:27 PM المشاهدات 3185

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا