شبكة سورية الحدث


استحضار الوثائق الأدبية شجن اللحظة التاريخية قبل قرن ونيف

استحضار الوثائق الأدبية شجن اللحظة التاريخية قبل قرن ونيف

سورية الحدث الإخبارية-السويداء-معين حمد العماطوري  
يعتبر العمل التوثيقي عملاً ذو أبعاد متنوعة بين المصداقية الأخلاقية والواقعية، وبين الحدث التاريخي المسند لتدوين صادق وبين الوصول إليه في دائرة متعة القراءة، إذ كثرت في الآوانة الأخيرة انتشار الوثائق، الحاملة معلومات ومقاطعات ومقاربات، ربما تتوافق وتختلف في توافقها مع السرد التاريخي المدون في بطون الكتب المنشورة وبعضها ليس بالمرجع التاريخي الأكاديمي وفق المعايير العلمية المتبعة منهجياً، ولكن نشر الوثيقة التاريخية ولا يستثنى منها أي مجال من مجالات الحياة الأدبية والإنسانية والفكرية، سواء تعلق الأمر بالأدب ودعمه بالنص الأدبي الإبداعي لإثباته، وهو يشكل وثيقة بعد مرور قرن من الزمن وفق المعايير العالمية، أم كان نصاً سردياً، يجعلنا امام مشهد يحمل البعد الأخلاقي في نشر المعلومة المدعومة وثائقياً...
ولعمري ما قرأته في كتاب "ذاكرة الثورة 1920-1939 المجاهد متعب الجباعي" لمؤلفه الباحث المهندس سميح متعب الجباعي يجعلني أمام موقف هام حينما يذكر رقم الوثيقة التي حصل عليها أي أنها موجودة ضمن مكان يعتبر مرجعاً علمياً في متحف أو مكتبة أو مجلة أو مؤسسة اعتبارية، فهو يدون على سبيل المثال مرور أربعين يوماً على شهداء مدينة "دمشق" ابان وعد بلفور المشؤوم وانعكاسه على الثقافة العربية والعواصم والمدن الوطنية القومية لقضية فلسطين فهو يشير برقم الوثيقة بالكتاب ويذكر الرقم موضحاً المصدر....ومن أراد فعلاً التوثيق للمرجعية لابد العودة لكتاب "ذاكرة الثورة 1920-1939 المجاهد متعب الجباعي/ والذي أوضح فيه الباحث المهندس سميح الجباعي وثائقه بالرقم وفق الآتي:  
بمناسبة الأربعين لشهداء دمشق" يوم دمشق " دون من نابلس قصيدة للشاعر فهمي هاشم والذي قال فيها:
 هو الشّعب سارت في دمشق مواكبه  فلله هذا الشّعب من ذا  يغالبه
ولله شعبٌ   جمع    الضّغظ  شمله  ووحده حتى استقامت   جوانبه
ولله    شعبٌ  لا يقر ّ  على الأذى  ويهوى الرّدى كيلا يُهدّم جانبه
رأى   الظّلم  تحميه  السّياسة عندنا  فهبّ ولا كالليث يبغيه  طالبه
تدفّـــــق   من كلّ   الشّوارع    سيله  وسارت لنصر الحقّ تمشي كتائبه
مشى نحو   بلفور     يحيطُ   بنَزْلِهِ   وأقبل من   كلّ الجهات يحاسبه
على وعده المشؤوم لا  كان  وعده  فذلك وعدٌ  ليس تُحصى مصائبه
ألا رُبّ يومٍ شاهد   اللوردُ    هولّهُ  وأزعجَهُ  شعبٌ من العرب طالبه
تجمهَرتِ  الدّهماء     تبغي  اغتياله  ففرّ    و لاذت    بالفرار  ركائبه
وسالت دماء  في    دمشق   زكيّة  بنفسي دم  أُهريقَ  والظّلم ساكبه
ألا في سبيل الله    نفسٌ   جريئة   قضت في سبيل الحقّ وَهْيَ تطالبه
شهيدة   أوطانٍ    ضحيّةُ   أمَّةٍ   يواثبها     من     رامها   فتـــواثبه
ألا في  سبيل الله  نفس   جريئة   و لا عاش خصم في البلاد نحاربه 
بني وطني أنتم  حماةَ   ضيوفِكِم   وقادَتَه    بل    كهفه     وأقارِبُه
بني العرب هذا يومكم   فتبرّعوا   إخوانكم  فالله  جاز    وصاحبه
رعى الله سوريّا   فمنها  تعلّمت   بنو العرب كيف الحقّ يبغيه طالبه
رعى الله سوريّا  ونفسي فداؤها   وأحبب بشعب في  دمشق  نراقبه.
وكذلك في ذكرى شهداء دمشق ضمن وثيقة دونها بالكتاب المذكور أعلاه قال فيه:
احتفل الفلسطينيون في مساجد فلسطين بذكرى شهداء دمشق الذين قُتلوا في المظاهرات العظيمة التي قامت ضدّ بلفور، وذلك بمناسبة الأربعين لاستشهادهم. رحمهم الله وعوّض الأمّة العربيّة بفقدهم خيرًا.
هذا وقد أبرقت فلسطين إلى أمّها دمشق، وإليك بعض برقيّاتها:
 من نابلس إلى دمشق
 النابلسيّون الذين يحتفلون اليوم بذكرى الأربعين لشهداء دمشق في حادثة بلفور يجدّدون عواطفهم نحو إخوانهم الشّاميّين خاصّة والسّوريّين عامّة، ويتوسّلون إلى الله أن يجمعهم معًا في ظلّ الوحدة والاستقلال، ويستمطرون الرّحمة لكلّ عربيٍّ أُريقَ دمُه الذّكيّ في سبيل الحقّ والحريّة. (الجمعيّة الإسلاميّة المسيحيّة).
     من نابلس أيضاً:
بمناسبة حفلة الأربعين لشهداء الشّام يرسل النّادي النّابسلي العربيّ تحياته الطيبة لعرب سوريّا، ويطلب للشّهداء الغفران وللجرحى العافية. 
(المدير رشدي ملحس).
 من حيفا إلى دمشق:
بمناسبة الأربعين احتفلنا اليوم بتلاوة الختم والسّيرة النّبويّة عن أرواح الشّهداء، مستمطرين لهم الرّحمة راجين للجرحى الشّفاء. 
(رئيس الجمعيّة الإسلاميّة: سليمان الصّلاح).
من القدس إلى دمشق:
المحتفلون اليوم بتكريم الشّهداء يُحيُّون فيكم وفي المخلصين التّضحية، ويلتمسون إبلاغ عواطفهم إلى أبناء سوريّا، وفي مقدّمتهم عائلات الشّهداء والجرحى.
 (عن المحتفلين من المظفر).
أخيراً وهنا اترك للقارئ متعة التلقي والبحث في استمرار تلك الوثائق والرسائل في تلك الفترة والذكرى المشؤومة لوعد بلفور ولكن يطرح الباحث أسئلة ضمنية تحمل همومه وشجونه القومية والوطنية  وأن لم يظهرها بنصه السردي التاريخي، ألا وهو مدى علاقة دمشق بفلسطين قاطبة؟
وهل ما دفعته دمشق عبر تاريخها الطويل من دماء فداء لنهجها القومي يجعلها أمام محط انظار العالم أنها حقا بلد التاريخ الأقدم والعاصمة الأقدم والموقف الأقدم والأثبت؟
أم أن ما وثقه الباحث سميح متعب الجباعي من وثائق قد تكون بسيطة في ذهنية بعض، ولكن في اكتشافها والوصول إليها عملاً ثميناً وبحثاً هاماً لمن يهتم بالبحث العلمي والتاريخي والمعلومات حصراً ؟...
جميع تلك وما سبق يدفعنا للاستمرار لبقية متبقية من تلك اللحظات والفعاليات الوطنية والشعور القومي ولهذا لابد أن يكون للحديث بقية...

التاريخ - 2021-12-03 9:04 AM المشاهدات 3409

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم