سورية الحدث الإخبارية_ السويداء_ معين حمد العماطوري
شكلت أحداث الثورة السورية الكبرى مفاهيم عديدة في الدرس الوطني المستفاد، حيث عملت الثورة ضد الانتداب الفرنسي منذ دخوله ليشمل المناطق الجغرافية السورية كافة، والتاريخ الموثق بأمانة وحيادية يجعل من تلك الأحداث درساً وطنياً في ربط العلاقة الجغرافية بالعلاقة الوطنية، والأهم الحالة الانتمائية للأرض ونشر ثقافة المقاومة عاملاً هاماً في تجسيد روح التكافل الوطني، غذ قل ما حدث معركة في منطقة ما إلا وكانوا الثوار السوريين يحاولون المشاركة مع أهل تلك المنطقة يقيناً أن الوطن بأهله والهم الوطني مشترك في توحيد الصف والموقف ضد الاستعمار وأعوانه، هذه الثقافة الوطنية لم تكن لولاً إيمان الزعماء والأهالي لكل منطقة أن أهداف الثورة السورية الكبرى هي واحدة وبالتالي المكان المهدد بالقصف من الفرنسيين هو نفسه في منطقة جغرافيا في سورية، ما ترك انطباعاً وثيقاً بربط الموقف بالغاية والهدف والانسجام مع متطلبات الحياة ومقاومة المعاناة والحاجة والفقر والتشرد الذي فرضه الاستعمار، خاصة وأنه اتبع أسلوب الفدية والضرائب القاسية، التي ترهق الأهالي وتجعلهم أشد فقراً وحاجة لمتطلبات الحياة، إذ بالكاد قد تخلصوا من براثن الاستعمار العثماني حتى جاء الاستعمار الفرنسي، هذا وغيره يحتاج إلى توثيق دقيق وعمل تدويني هام في التاريخ المعاصر فما كان من الباحث المهندس سميح متعب الجباعي الذي أخذ على عاتقه التصدي لهذا المشروع وفق رؤية منهجية علمية تتجسد فيها الاندفاع والحيادية والتوثيق العلمي الممنهج بنقل الأحداث بواقعيتها متكأ على وثائق واقعية وضعها ضمن متن عمله ومنجزه الثقافي الذي اسماه /ذاكرة الثورة 1920-1939 المجاهد متعب الجباعي/...
وعلى سبيل المثال واتباعاً لمنهج أراده في توثيق الأحداث التاريخية ذكر كيفية نشوء الثورة مروراً بثورة الشيخ صالح العلي وإبراهيم هنانو والاحداث التي جرت بتدوين تاريخي توثيقي، وما جرى وحدث قد وثقه برقم وثائقي/24-39"-30-34/ مدون بعمله، والذي يعود للكتاب أو المنجز وهو بجزأين يشعر بأهمية ومصداقية الوثيقة، بحيث وقف على ثورة سهل حوران التي بدأ فتيلها في شهر أغسطس عام 1920 وهو يبين تلك الحقبة الزمنية وآثارها...
إذ يذكر الباحث المهندس سميح متعب الجباعي عن ثورة سهل حوران في شهر أغسطس 1920 بالقول: "على خلفيّة قـيام أهل حوران بقتل علاء الدين الدّروبي رئيس وزراء حكومة الملك فيصل بعد معركة ميسلون، الذي تلقّى إنـذاراً مـن السـّلطات الفرنسيّة، يتضمّن دفع غرامة حربيّة مع نزع سلاح القوّات السّوريّة، وتسليم الوطنيّين لمحاكمتهم. وإذ قبلَ الدّروبي بالإنذار جاء إلى حوران على رأس وفد حكومي للتّفاهم معهم حول الغرامات المفروضة علـيهم، وكيفية دفعها، إلا أن شيوخ حوران رفضوا دفع الغرامة الباهظة التي فرضها الفرنسيّون، وثار عليه أهل حوران، وقتلوه مع بقيّة أعضاء الوفد في يوم السّبت 21 أغسطس1920م، كما قتل في أثناء الحادث وحيد عبـد الهادي مـن نابلس، وكان من بين المسافرين لأنّه حاول الفرار، وقتل ضابط إيطاليّ ظنّـه الثّـوار فرنسيّاً، وكاهن مسيحيّ وجنود فرنسيّون٣، فجهّزت السّلطات الفرنسـيّة حملـة عسكريّة كبيـرة لإخضاع أهل حوران، واشتبكت معهم في معارك عديـدة اسـتمرّت حتّـى أواخـر أكتوبر، فأعلن أهل حوران أخيرا خضوعهم بعد أن ضُرِبَتْ قرى حوران بالقنابـل، وأحـرق الجـيش البيادر والبيوت. وفرضت فرنسا شروطا وهي:
دفع ديّة الوزراء المقتولين وقدرها 10 آلاف ليرة ذهباً عن كل وزير 7 آلاف عن الضّابط الإيطالي و2500 ليرة عن الكاهن ومثلها عن وحيد عبد الهادي و500 ليرة عن كلّ عسكريّ مقتول. ودفع مئة ألف ليرة ذهباً غرامة. فقبلوا بشروط الفرنسيّين السّابقة إضافة إلى إعادة المنهوبات التي نهبت من القطار الذي كان يقلُّ الوزراء، وإعطاء الضّمانات الكافية بعدم ارتكاب اعتداءات جديدة، وفي 20 سبتمر سنة 1922 أعدم في دمشق ثلاثةً من أهل حوران بتهمة اغتيال الوزراء...
نلاحظ بأن ربط العمل الاستعماري لا يختلف في مضمونه عن أي استعمار فهو يأتي للقتل والسرقة والإعدام وكما فعل جمال باشا السفاح بشهداء اذار عام 1916 وقبله الفاروق عام 1911 فقد فعل ذلك الفرنسيين عام 1922 بإعدام من طلبوا الحرية والاستقلال منهم...ولعمري تلك المشاهد التي لا تخفي بشاعتها ولا مآثرها على نفس وثقافة السوريين عبر تاريخهم الوطني المشرف يجعلنا أمام حس المسؤولية في التوخي الدقة بالتدوين التاريخي ولهذا جاء لكتاب مبيناً وموضحاً الأحداث بحيادية ومصداقية منقطعة النظير...لعيش مع مكوناتها رؤية إبداعية حقيقة في قراءة التاريخ من جديد...
يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرام : انقر هنا