شبكة سورية الحدث


الدلالة التاريخية في اجتماع قنوات

الدلالة التاريخية في اجتماع قنوات

 
سورية الحدث الاخبارية-السويداء-معين حمد العماطوري    


كثرت الأقاويل وتناقلت الأحداث في الحياة الاجتماعية ضمن المقاعد  والمضافات حول امثال ومقولات مازالت حاضرة الى يومنا، ولا يعلم معظم أبناء جبل العرب عنها شيئا، اذ كثيراً ما تردد عبارة "بعدك على اجتماع قنوات" ولكن هذه العبارة ما الدلالة التاريخية منها؟
وما هو اجتماع قنوات أسبابه ومسبباته وتاريخه؟.
اذ قلة من يعرف عنه إلا الباحثين المهتمين، وهناك اختلاف وتباين في الرأي في ماهية الحدث نفسه، بحيث اتفقوا على المكان وتباينوا في تفاصيل الواقعة، ولكي نكون أكثر إنصافاً هناك مؤرخون حقيقة أجادوا بما كتبوا سواء اختلفنا معهم في الرأي أم توافقنا، ولكن للأمانة قد وضعوا اللبنة الأولى في التاريخ المعاصر الحديث لجبل العرب أو لأحداث الثورة السورية الكبرى، ولكن بالإشارة والإيماءة إلى أبرز المقاربات الفكرية والتدوينية لتأريخ اللحظة الزمنية التي يعيش فيها المسكون في علم التاريخ، نجد تكوين العقل الجمعي والذي هو بالأصل الرؤية الثقافية الناتجة عن شخصية ثقافية اجتماعية انتمائية تحمل الروح الوطنية والقومية، لعل العديد من الباحثين الذين وضوا المنهج العلمي والأكاديمي ودونوا التاريخ بحرفية ومهنية عالية ليس نقلاً عن ولا بالإشارة عن، أشاروا إلى مكامن جمال المعرفة عن الماضي التليد الذي يصل القارئ إلى قناعة بامتلاك ذاك الجيل العقل الوطني والتكوين الإبداعي في معالجة اللحظة الراهنة...إذ كم نحتاج إلى تلك الرؤية هذه الأيام في ظل ما نعيشه من تخبط في القرارات الاجتماعية والحياة اليومية.
وهنا يشدو الحديث في قراءة ورؤية سريعة لكتاب ذاكرة الثورة 1920 -1939 المجاهد متعب الجباعي لمؤلفه الباحث المهندس سميح متعب الجباعي، الذي اتبع في رأي منهجاً تعبيريا تحليلياً، من شأنه الاعتماد على الوثائق المنشورة في الوسائل الإعلامية العالمية ذات البعد والمصداقية، والأهم اتخذ من علم المقارنة والتبويب والتحليل أسلوباً في الوصول إلى الحقيقة الاقرب، لذلك حينما اتكأ على أحداث نصر معركة الكفر كون لديه رؤية في تداعيات هذا النصر وانعكاسه أدبياً وثقافياً ووطنياً، وبالتالي أجاد الباحث المهندس سميح متعب الجباعي، حين اتخذ من تلك المعلومات والتقاطعات رؤية تاريخية...حيث أشار بعد أنتصار معركة الكفر بقوله في كتابه ذاكرة الثورة 1920-1939 المجاهد متعب الجباعي/  إلى ما يلي:    
رفع هذا النّصر من معنويات أهالي الجبل الأبطال، كما ازدادوا قوّة بالسّلاح والذّخائر والمعدات التّي غنموها، أمّا الفرنسيّون المقيمون في السّويداء وعددهم نحو خمسمائة، بينهم الحاكم بالوكالة (توما مارتان) فقد أبرقوا إلى دمشق طالبين النّجدة لإنقاذهم، أما الثّوّار فقد عادوا إلى قراهم،  ليتجهّزوا لمواصلة القتال؛ إذ  كان على كلّ مجاهد أن يؤمِّنَ طعامه  من بيته وسلاحه من ماله. وقد أوقد هذا النّصر نار الثّورة والتّطلّع إلى الحريّة  في نفوس الأهالي، وخفّ الكثيرون من أبناء الجبل الأشم لمحاصرة القلعة، بينما توجّه سلطان والعديد من أعيان ووجهاء الجبل إلى قرية قنوات....
هذا التمهيد نراه في الكتاب لتدوين حقيقة اجتماعية تتداولها الناس وبعض حفظة أحداث التاريخ بطرق متباينة ومختلفة فيما بينها في المحافل الاجتماعية والمناسبات كما أشرنا بالبداية ولكن ما حقيقة /بعدك على اجتماع قنوات/ المثل أو المقولة التي رددت كثيرا ولم نعلم البعد الثقافي والوطني بها وها هو الباحث المهندس سميح متعب الجباعي بكتابه ذاكرة الثورة 1920-1939 المجاهد متعب الجباعي، يجسد ذلك تحت عنوان واسع هو /تحالف أو اجتماع قنوات/ إذ يذكر الباحث سميح الجباعي بقوله:
تحالف أو اجتماع قنوات:    
بعد معركة الكفر اندلعت الثّورة في جميع أنحاء الجبل، فقام سلطان الأطرش بجمع الوجهاء والأعيان، وقدِم إلى قنوات، وطلب من أهلها الدّخول لينادي بالثّورة، وما كان من الشّيخ أحمد الهجري وغيره من أوجه قنوات إلا أن استقبلوا الباشا سلطان الأطرش ومن معه من الفرسان خير استقبال،  ودخلوا قرية قنوات، واستدعوا من كلّ بلد من قرى الجبل شخصاً أو اثنين، وتمّ عقد  تحالف وعهد على استمرار الثّورة، وكان من بين الموجودين سلطان باشا الأطرش وحمد البربور، وعن المقرن الشمالي كلٌّ من المجاهد جاد الله سلام والمجاهد سليمان نصار والمجاهد يوسف الشاعر، وآخرون من وجهاء الجبل ومن معظم القرى والعائلات، حيث تحالفوا على أن يكونوا يداً واحدةً، وأن تُلغى كافّة النّزاعات الدّاخليّة فيما بينهم، ويكون الهدف  الأساسيّ الوحيد هو الوقوف أمام الغُزاة وقتالهم وطردهم من البلاد، وكلّ من له ثأر أو حقّ عند الآخر يطالب به فيما بعد، بعد انتصار الثّورة، وبعد التّحالف والموافقة عليه من قبل الثّوّار جميعاً، فرحّبوا بهذا التّحالف الأخويّ أجمل ترحيب، وأثناء ذلك طلب أحد الثّوّار الموجودين وهو توفيق عز الدين الحلبي المسدس من المجاهد نجيب سعيد ناصيف؛ لكي يطلق النّار مبتهجاً بهذه المناسبة، فشاء القدر أن ثارت إحدى الطلقات  وأصابت نجيب سعيد ناصيف  صاحب المسدس، فبرد الحماس ونُقل المصاب إلى أحد بيوت القرية القريبة من مقرّ الاجتماع، ولكن ما إن وصل حتى وافته المنيّة.  فنظر الحضور إلى المجاهد سعيد ناصيف والد القتيل، ماذا سيفعل؟ فما كان منه إلا أن قال: "إنّا لله وإنّا إليه راجعون".
"مضت هذه الحادثة اجتماع قنوات " وليس لنا  عند آل عزّ الدّين الحلبي أي حقّ أو ثأر"، وبذلك يكون اتّفاق قنوات قد ألغى كافّة النّزاعات الدّاخلية، وإنّ كلّ من له حقّ أو ثأر عند الآخر يطالب به فيما بعد الثّورة، وبهذا الإيمان والوفاء والصّدق والإخلاص والتّقوى تمكّن هذا الشّعب المجاهد المجالد الصّابر على المصاعب من الوصول إلى ما أراد من وحدة الكلمة وتحقيق الاستقلال.
أخيراً ما قدمه الباحث سميح متعب الجباعي في تدوينه وربطه بين انتصار معركة الكفر وبين مأثر اجتماع قنوات فإنه يترك أسئلة كثيرة ومتنوعة أولها بنية تكوين العقل الجمعي المكون وما يحمل من قيم إنسانية وأخلاقية، والثاني الروابط الاجتماعية التي أكد عليها الباحث في مقدمات كتابه ذاكرة الثورة عن الأصل والتاريخ والنشاة، والثالث الروح الانتمائية للوطن بحيث فرضت قيم الوطن على العلاقة الاجتماعية والمصالح والنزاعات وترفعت بقيمتها في سبيل توحيد الجهود في سبيل الاستقلال الوطني من الاستعمار الفرنسي، وبالتالي توثيق تلك الأحداث وغيرها هي الدافع لتشكيل منظومة متكاملة في التحليل والبناء، وللحديث بقية.

التاريخ - 2022-01-21 12:11 PM المشاهدات 2590

يسرنا انضمامكم لقناتنا على تيلغرامانقر هنا


الأكثر قراءةً
تصويت
هل تنجح الحكومة في تخفيض الأسعار ؟
  • نعم
  • لا
  • عليها تثبيت الدولار
  • لا أعلم